مشارق أنوار العقول

Noor al-Din al-Salmi d. 1332 AH
216

مشارق أنوار العقول

مشارق أنوار العقول

اصناف

( اعلم) أن الأولياء صنفان: صنف تجب ولايتهم على جميع أهل مصرهم وجميع من بلغه خبرهم وهم أئمة العدل الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر، كأبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعبدالله بن يحيى الكندي والجلنداء بن مسعود الولي وعزان بن قيس بن عزان رضي الله عنهم (وأئمة الدين) الذابون عنه بالأدلة والبراهين الكاشفون لشبه الملحدين الملزمون للمعاندين كعبدالله بن إباض([1])، وأبي الشعثاء جابر بن زيد([2]) رضي الله عنهما، فأهل هذا الصنف كلهم تجب ولايتهم على أهل مصرهم ومن بلغه خبرهم ويسع جهلهم من لم يبلغه خبرهم، ولا يحل لأحد ولو اطلع على كبيرة منهم أن يبرأ منهم مع من لم يعلم كعلمه فيهم لئلا يبيح من نفسه البراءة نعم يبدأ منهم في نفسه من غير أن يطلع أحد على ذلك ويتولى ممن يتولاهم من أوليائه، لأن كلا مخصوص بعمله.

حكي أن الإمامين ابن محبوب وموسى بن علي رضي الله عنهما كانا يبران من المهنا بن جيفر في السريرة لعلم خصمهما فيه وفي هذه الحكاية نظر لأنهما كانا يبرآن في أنفسهما فمن الرافع ذلك نهما إذ لا يحل لهما أن يبدياها مع أحد لم يعلم موجب البراءة من المهنا، فإن كانا أبدياها مع أحد يعلم من المهنا كعلمهما فيه فحكم ذلك الذي أبديا معه كحكمهما لا يحل له أن يبدي ذلك إلا مع من علم كعلمه في المهنا، وهكذا حتى ينقطع الخبر ولم يكن المهنا رضي الله عنه من أئمة الجور حتى يكون ممن تجوز منه البراءة جهرا هذا وما حكي أن رجلا أتى إلى الإمام ابن محبوب رضي الله عنهفقال: أنا أبرأ من المهنا فقال ابن محبوب: أنا براء منك فوجهه ظاهر على عدم صحة تلك الحكاية أن ابن محبوب لم يبرأ من المهنا سرا أما على تقدير صحتها فوجهه أن ذلك الرجل أظهر البراءة من المهنا مع من لم يعلم أنه يعلم كعلمه فيه وهو بإبدائه البراءة ممن تجب على العمة ولايته مع من لم يعلم أنه اطلع على ما اطلع عليه مبيح من نفسه البراءة.

صفحہ 226