مشارق أنوار العقول
مشارق أنوار العقول
اصناف
(في الولاية والبراءة بحكم الظاهر) أي في بيان طرقهما التي يتأديان منها وفي أحوال الولي وأحكام ذلك. (اعلم) أن موجب الولاية هو الموافقة في القول والعمل، وأن موجب البراءة هو المخالفة فيهما أو في أحدهما، هذا مما اتفق عليه أصحابنا واختلفوا في الموافقة بالقول قبل معرفة العمل، فأوجب بعضهم الولاية به ومنعها آخرون، والأول أصح لقوله تعالى ((يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات)) إلى قوله ((فبايعهن واستغفر لهن الله))([1]) فأمره بالاستغفار لهن على نفس تلك المتابعة ولم يأمره بالانتظار في أمرهن فإذا صح معنا لأن فلانا موافق لنا في الاعتقاد ألزمنا أنفسنا ولايته من غير أن ننتظر به العمل لتلك الآية وهذا شامل لمن خرج عن الشرك إلى الإسلام، ولمن رجع عن مذهب أهل الضلال إلى مذهب أهل الحق، ولمن كان مختفيا علينا حقيقة اعتقاده فظهرت لنا بعد لكن بشرط أن لا تظهر منه إمارة تدل على مخالفته لحديث ((استفت نفسك))([2]) ((ودع ما يريبك))([3]) فإذا جمعنا بين هذين الخبرين وبين تلك الآية حصل لنا المطلوب وهو أنه لا يتولى بنفس القول إذا اتهم ولكل واحد من موجبات الولاية والبراءة طرق فأما طرق البراءة فهي أربع كلها متفق عليها.
(أحدهما): العيان أي المشاهدة وذلك أن تشاهد مكلفا يرتكب كبيرة لا يحتمل له فيها عذر فالواجب عليك البراءة منه وسيأتي لهذا الطريق زيادة بسط في الباب الرابع من هذا الركن.
(الطريق الثاني): الإقرار وهو أن يقر المكلف بأنه فعل كبيرة ولم يتب منها أو أقر بذلك على سبيل السرور بها أو على سبيل الافتخار بها فإنه يجب على من سمعه أن يبرأ منه لا إذا أقر بها على سبيل الندم والتحسر على ارتكابها فإن هذا تائب منها.
(الطريق الثالث): شهادة العدلين بأن فلانا فعل كبيرة وسيأتي بسطه.
صفحہ 213