مشارق أنوار العقول

Noor al-Din al-Salmi d. 1332 AH
178

مشارق أنوار العقول

مشارق أنوار العقول

اصناف

( وذهبت) الكرامية إلى أن الإيمان هو التلفظ بالشهادتين وإن لم يكن معه تصديق ولا عمل واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين كانوا يكتفون ممن جاء مسلما بالتلفظ بالشهادتين من غير أن ينتظروا بهم الأعمال ومن المعلوم أنهم لم يطلعوا على ما في قلوبهم من التصديق. ورد بأنهم يكتفون بذلك في الأحكام الظاهرية لأنهم قد تعبدوا بذلك، والكلام فيما بين العبد وبين ربه، والإجماع على أن من أسر الشرك مشرك عند الله وإن أظهر الإسلام وأما عدم انتظارهم للأعمال فلأنه لم يرد بها تعبد بعد ولكل نازلة حكم.

(وذهب) قوم إلى أن الإيمان هو المعرفة ولو لم يكن معها تصديق ولا عمل، وهذا باطل لاستلزامه أن يكون من عرف محمدا صلى الله عليه وسلم من اليهود ونحوهم مؤمنا فقد قال فيهم ((يعرفونه كما يعرفون أبنائهم))([17]).

(وذهب) آخرون وهم سلف الأشعرية وأهل الحديث إلى أن الإيمان تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان.

(أقول): وهذا هو عين مذهب الأصحاب لكنهم لم يعمموا هذا التعميم بل فصلوا وجعلوا من الإيمان التصديق بالجنان، والقول باللسان، إذا لزم القول، والعمل بالأركان إذا لزم العمل، وربما وقع في آثارهم مجملا هكذا ففصلهم أهل التحقيق منهم كالإمام أبي سعيد رضوان الله تعالى عليه في معتبره وقطب الأئمة في هيميانه.

(وذهب) آخرون إلى أن جميع الطاعات إيمان أعني فرضها ونفيها مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم ((الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق))([18]) ورد بأن في الحديث إطلاق الإيمان على مطلق الطاعة تجوزا لا حقيقة لثبوته حقيقة في فعل الواجبات.

(قوله تصديق قوم) مفعول لقوله والتزم يعني أن معنى الإيمان والإسلام في الشرع ملتزم لتصديق القول وملتزم للعمل.

صفحہ 188