الموضوء والغسل إجمالا وبيانه على مظهر الشريعة الصادع بها فيقصر على ما بينه وليس فيه عموم ولا اختصاص بهذا الحكم وقس عليه الحال في إيراد التيمم في الآية الكريمة السابقة في المائدة لأنه على تقدير عدم اختصاص الحكم بالوضوء العموم ممنوع بل غايته الاجمال فيحال إلى بيانه (عليه السلام) وإذا لم يوجد دليل على ذلك ففي إباحة التيمم لهما نظر ومع عدم الإباحة لا وجوب وإذا لم يبحهما التيمم يجب لهما فيكونان بدون الغسل حراما سواء كان واجبا بالنذر أو لا للاجماع ظاهرا لان النهي عنهما جنبا يخصص الأوامر العامة باستحبابهما والعمومات الدالة على الايفاء بالنذر مثل أوفوا بالعقود وغير ذلك وإن كان بينهما وبين العمومات الدالة على منعهما جنبا عموم من وجه ويكون الحكم التوقف والتخيير في أكثر مواضعه لكن الظاهر ها هنا ترجيح عمومات المنع لأن الظاهر أن المراد بالأوامر الدالة على الايفاء بالنذر إنما هو الايفاء به إذا لم يكن مخالفا لما ثبت أصالته بالشرع وأنه لا يصير سببا لتخصص الاحكام الأصلية كما لا يخفى ولم إذا كان الوجوب بغير النذر مثل الدخول للطواف ونحوه فيحتاج إلى النظر في أدلة الطرفين والترجيح هذا كله إذا لم يكن الحكم إجماعيا كما هو الظاهر مما نقلناه من أن الخلاف إنما وقع من الفاضل فخر المحققين (ره) دون من قبله فلا عبرة به ومع قطع النظر عن ثبوت الاجماع أيضا نقول أنه لا شك في شهرته واستفاضته بين الأصحاب شهرة عظيمة متاخمة للاجماع ومثل هذه الشهرة كاد أن يكون متمسكا قويا في إثبات الأحكام الشرعية إذا الظن الحاصل منه بصدور الحكم عن المعصومين (عليه السلام) ليس بما نقص من الظن الحاصل بأخبار الآحاد وحينئذ فمقتضى الاحتياط أنه إذا كان دخول الحرمين واللبث فيما عداهما واجبا مضيقا فيتيمم ويؤتى به وأما إذا لم يكن واجبا مضيقا بل موسعا أو كان مندوبا فلم يتيمم له ولم يؤت به بل ينتظر إمكان الغسل ولا يذهب عليك إن في الصورة الأولى إذا تيمم لما يبيحه التيمم بلا خلاف مثل الصلاة وضم إلى قصدها قصد الدخول واللبث أو تيمم تيمما آخر بعده لهما للخروج عن عهدة القول بعدم التداخل ثم دخل أو لبث لكان أولى كما يظهر وجهه من الكلمات السابقة فتفطن هذا ما بلغ إليه ظني في هذه المسألة والله ورسوله وأهل بيته (عليه السلام) أعلم وأما وجوب التيمم لمس خط المصحف فاعلم إن الآية الكريمة المتقدمة تدل على اشتراطه بالطهارة فيكون مما يبيحه مطلق الطهارة ويلزم منه إباحة التيمم له كما قدمناه لكن الروايات يشعر بعضها باشتراط الوضوء وبعضهما بالمنع منه جنبا وحينئذ لا يكون مما يبيحه التيمم فلو لم نقل بأولوية حمل الآية على الاخبار لكثرتها فلا أقل من عدم أولوية حملها عليه فيؤل إلى الشك في أن الشرط هل هو مطلق الطهارة أو خصوص فرديها وكذا المنهي عنه أما المس بدون مطلقها أو بدون فرديها وحينئذ لا يخلو الحال أما أن نقول بأن الأوامر والنواهي اليقينية لا بد من الاتيان بأفرادها المشكوكة للخروج عن العهدة بيقين أولا وعلى التقديرين الظاهر أن رعاية حال النهي أولى لأنه كما يكون حينئذ المس بالتيمم مما يشك في كونه داخلا تحت الأوامر العامة من جهة وجوب إصلاحه أو من جهة النذر فيجب الاتيان به للبراءة اليقينية فلذلك مما يشك في كونه داخلا تحت النواهي العامة عن المس بدون شرطه المتعين في الواقع المجهول عندنا فيجب الاجتناب عنه للبراءة أيضا مع أن في هذه الصورة يراعى جانب النهي العام أيضا من الاتيان بالعبادة بدون إذن الشارع المشكوك في دخول الاتيان بالتيمم في هذه الحال تحته فيكون أولى وكذا الحال على التقدير الاخر كما لا يخفى والامر في حالة ما إذا كان الوجوب بالنذر أظهر لما مر وقس عليه الحال فيما إذا شك في صدق الجنب على المتيمم في هذه المسألة وسابقتها مع أن الآية في المسألة السابقة تدل على منع غير المغتسل فلا يؤثر ذلك الشك كثيرا وكذا بعض الأخبار في هذه المسألة يدل على (تعليق المنع بعدم) الوضوء هذا وحديث الاجماع والشهرة والاحتياط في هذه المسألة أيضا مثل المسألة السابقة فقس عليها ولا تغفل قال المصنف أعلى الله تعالى مقامه وقراءة العزائم وجوب الغسل والتيمم لها موقوف على تحريمها على الجنب والحايض ومن بحكمهما وسيأتي بيانه في مبحث الجنابة إنشاء الله تعالى ويختص وجوب التيمم بتوقفه على إباحته لها ويفهم ظاهرا من كلام العلامة (ره) في المنتهى أنه إجماع منا حيث قال ويجوز التيمم لكل ما يتطهر له من فريضة ونافلة ومسح مصحف وقراءة عزائم ودخول المساجد وغيرها ونسب القول به إلى علماء العامة أيضا ولم ينقل خلافا سوى ما نقل عن أبي محرمة من عدم تجويزه إلا للمكتوبة ومن الأوزاعي من أنه كره مس (المصحف للمتيمم والخلاف الذي نقل عن فخر المحققين (ره) إنما يختص بدخول المساجد والمس) فقط ولو قطع النظر عن الاجماع والشهرة فحاله (إنما يستنبط مما ذكر في فحسا بقيه؟) وصوم الحايض والنفساء والمستحاضة والجنب إذا صادف الليل على تفصيل يأتي إنشاء الله تعالى ونشرح أيضا إنشاء الله تعالى في كل باب ما يتعلق به ويختص التيمم بخروج الجنب من المسجدين هذا الحكم مشهور بين الأصحاب ولم ينقل فيه خلاف سوى ما نقل من ابن حمزة من القول بالاستحباب ومستند الحكم ما رواه الشيخ (ره) في زيادات التهذيب في باب التيمم في الصحيح عن أبي حمزة قال قال أبو جعفر (عليه السلام) إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) فاحتلم فأصابته جنابة فليتيمم ولا يمر في المسجد إلا متيمما ولا بأس به أن يمر في ساير المساجد ولا يجلس في شئ من المساجد وما رواه ثقة الاسلام في الكافي في باب النوادر قبل أبواب الحيض عن محمد بن يحيى مرفوعا عن أبي حمزة قال قال أبو جعفر (عليه السلام) إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) فاحتلم فأصابته جنابة فليتيمم ولا يمر في المسجد إلا متيمما حتى يخرج منه ثم يغتسل وكذلك الحايض إذا أصابها الحيض تفعل كذلك وهاتان الروايتان مع انضمامهما بالشهرة العظيمة بين الأصحاب حجة قوية على الوجوب فالظاهر القول به وما يتوهم من معارضتهما بالروايات الكثيرة الواردة في منع الجنب من الكون في المسجدين
صفحہ 20