مسجد أكبر منه «١»، والبناء فى زاوية من غربى المسجد، ويمتد على نحو نصف عرض المسجد، والباقى من المسجد فارغ إلا موضع الصخرة، فإنّ عليه حجرا مرتفعا مثل الدكّة، وفى وسط الحجر على الصخرة قبة عالية جدا، وارتفاع الصخرة من الأرض إلى صدر القائم، وطولها وعرضها متقارب يكون بضعة عشر ذراعا، وينزل إلى باطنها بمراق من باب شبيه بالسرداب، إلى بيت يكون طوله نحو بسطة فى مثلها، وليس ببيت المقدس ماء جار سوى عيون لا تتسع للزروع، وهو من أخصب بلدان فلسطين، ومحراب داود ﵇ بها- وهو بنيّة مرتفعة- ارتفاعها يشبه أن يكون خمسين ذراعا من حجارة، وعرضها نحو ثلاثين ذراعا على الحزر والتخمين، وأعلاه بناء مثل الحجرة وهو المحراب، وإذا وصلت إليها من الرّملة فهو أول ما يتلقاك من بناء بيت المقدس، وفى مسجد بيت المقدس لعامة الأنبياء المعروفين لكل واحد منهم محراب معروف، وعلى ناحية جنوب بيت المقدس على ستة أميال منه قرية تعرف ببيت لحم، وهى مولد عيسى ﵇، ويقال إن فى كنيسة منها قطعة من النخلة التى أكلت منها مريم، وهى مرفوعة عندهم يصونونها، ومن بيت لحم على سمته فى الجنوب مدينة صغيرة، شبيهة فى القدر بقرية- تعرف بمسجد ابراهيم ﵇، وفى المسجد الذي يجمّع فيه الجمعة قبر إبراهيم وإسحاق ويعقوب ﵈ صفا، وقبور نسائهم صفا بحذاء كل قبر من قبورهم قبر امرأة صاحبه «٢»، والمدينة فى وهدة بين جبال كثيرة كثيفة الأشجار، وأشجار هذه الجبال وسائر جبال فلسطين وسهلها زيتون وتين وجمّيز وعنب، وسائر الفواكه أقل من ذلك. ونابلس مدينة السامرة، يزعمون أن بيت المقدس هو نابلس، وليس للسامرة مكان من الأرض إلا بها، وآخر مدن فلسطين مما يلى جفار مصر مدينة يقال لها غزّة، بها قبر هاشم ابن عبد مناف، وبها مولد محمد بن إدريس الشافعى، وفيها أيسر «٣» عمر بن الخطاب فى الجاهلية، لأنها كانت مستطرقا لأهل الحجاز، وبفلسطين نحو من عشرين منبرا على صغر رقعتها، وهى من أخصب بلاد الشام، وأما الجبال والشّراة فإنّهما بلدان متميزان، أما الشراة فمدينتها تسمى أذرح، وأما الجبال فإن مدينتها تسمى روات، وهما بلدان فى غاية الخصب والسّعة، وعامة سكانها العرب متغلبون عليها.
وأما الأردن فإن مدينتها الكبرى طبريّة، وهى على بحيرة عذبة الماء، طولها اثنا عشر ميلا فى عرض فرسخين أو ثلاثة، وبها عيون جارية حارة، مستنبطها على نحو فرسخين من المدينة، فإذا انتهى الماء إلى المدينة على ما دخله من الفتور بطول السير إذا طرحت فيه الجلود انمعطت «٤»، ولا يمكن استعماله إلا بالمزاج، ويعمّ
النص / 44