وقد بين أبو عبد الله الرازي في كتابه: «الأربعين» وغيره هذه الحجة التي لهم على القدم، وذكر أنها عمدتهم، وذكر أجوبة الناس عنها، وبين ضعفها، وأجاب عنها بالمعارضة؛ وأن ذلك يستلزم أن لا يحدث شيء، وقد حدث؛ فتكون الحجة باطلة.
ولكن هذا اللازم إنما يلزم بتقدير تسليم مقدماتها التي إحداها: بطلان التسلسل.
وهذه المقدمات يسلمها المتكلمون القائلون بحدوث الأجسام.
وخصومهم الفلاسفة يقولون: لا نسلم بطلان التسلسل؛ فلا تكون هذه المعارضة صحيحة على أصل الفلاسفة إلا إن تبين أن ما يدعونه من تسلسل الحوادث باطل.
بل يقال للفلاسفة: هذا يستلزم توقف حدوث الأفلاك وما فيها على حوادث متسلسلة؛ وتسلسل الحوادث ليس بمحال عندكم؛ فلا تدل هذه الحجة على صحة مطلوبكم. ونحن نبين إن شاء الله ذلك، ونبين أن هذه الحجة لا تدل على مطلوب الفلاسفة؛ بل هي مستلزمة فساد قولهم وفساد قول خصومهم / (¬1) المتكلمين القائلين بحدوث الأجسام.
والمقصود هنا: أن جواب الرازي ونحوه بهذه المعارضة يصح في الحال، تبين أنها لا تدل على مطلوبهم؛ بل تفسد مذهبهم ومذهب خصومهم.
فهي إن صحت؛ دلت على فساد قول الطائفتين القائلتين: بقدم العالم، وبحدوث الأجسام.
وإن فسدت؛ لم تكن بحجة لواحد منهما.
صفحہ 71