وإن لم تكن علته هي مجرد العلة التامة القديمة فلا بد من حوادث تحدث تتم بها علته، والقول في تلك الحوادث التي هي أسباب كالقول في الحوادث التي هي المسببات؛ يمتنع أن تصدر عن علة تامة قديمة، فصار حدوث كل حادث موقوفا على حادث، وليس في الحوادث ما يحدث عن علة تامة قديمة، فلا يوجد حادث إلا بسبب حادث، وذلك السبب الحادث ليس له علة قديمة تامة، فليس للحوادث علة تامة قديمة. فيبطل القول بقدم العالم؛ لأنه إذا كان قديما لزم قدم العلة التامة، وهذا يبطل قدمه على رأي القائلين بالموجب بالذات، وهم الإلهيون.
وعلى رأي الدهرية المعطلة المحضة، وهم الذين ينكرون وجوب الوجود ويقولون: العالم موجود بنفسه.
فإنه يقال لهم: هذه الحوادث المشهودة لا بد لها من فاعل، ولا يجوز أن يكون علة، سواء جعلت هي غير العالم أو جزء من العالم أحدث حوادث العالم؛ لأن تلك العلة إن كانت تامة وجب قدم معلولها؛ فيلزم قدم الحوادث. وإن لم تكن تامة توقفت على حوادث، والقول فيها كالقول في المسببات الأول. وقد تقدم تمام الكلام.
فالحوادث تقتضي محدثا قطعا، والمحدث / (¬1) يمتنع أن يكون علة موجبه بوسط أو بغير وسط، سواء كان من العالم أو من غير العالم.
وإذا بطلت العلة الموجبة ثبت القادر المختار الذي يفعل بمشيئته، وبطل قدم العالم، إذ قدمه مستلزم للعلة القديمة التامة.
صفحہ 172