عادة الختان عند اليهود والعرب
عند العالم «ويلهاوزن» أنه توجد في أفريقيا قبائل منها همجيون تألف عادة الختان. فلم تسر هذه العادة من اليهود إلى العرب. بل إن العرب القدامى أخذوها عن الفدائيين لأسباب صحية ودينية.
لا تبشير في اليهودية - شعب الله المختار
يقول الدكتور إسرائيل ولفنسون - العالم اليهودي المصري - في كتابه «تاريخ اليهود في بلاد العرب» ص72: إنه «لا شك أنه كان في مقدرة اليهودية أن تزيد في بسط نفوذها الديني على العرب حتى تبلغ منزلة أرقى مما كانت عليه لو توافرت عند اليهود النية على نشر الدعوة الدينية بطريقة مباشرة. ولكن الذي يعلم تاريخ اليهود يشهد بأن الأمة الإسرائيلية لم تمل بوجه عام إلى إرغام الأمم على اعتناق دينها، وأن نشر الدعوة الدينية من بعض الوجوه محظور على اليهود. ولسنا نعرف في تاريخ اليهود أنهم أرغموا - بقوة السيف - أمة من الأمم على اعتناق اليهودية، إذا استثنينا حادثة واحدة أرغم فيها الملك اليهودي يوحنان هوركانس طوائف بني أدوم على اعتناق اليهودية صاغرين. ولكن يجب أن لا يغيب عن بالنا أن اليهود كانوا يعتبرون بني أدوم إخوة لهم في الجنسية. وهناك عامل آخر حال دون انتشار اليهودية في الحجاز؛ فاليهودية - كما نفهمها - هي خلاصة القانون التلمودي بعقائده وتقاليده وطقوسه. وهذا القانون الذي نشأ في بيئة معينة وفي مدة قرون معينة، والذي استمد مبادئه وتعاليمه من نصوص التوراة، قد أدخلت عليه تغييرات تلائم الأحوال الجديدة التي طرأت على اليهود مع التغيير الاجتماعي والرقي الروحاني الذي طبع العقلية اليهودية بطابع جديد لم يكن يعرف في العصور الإسرائيلية القديمة. وقد نجم عن ذلك أن الذين أرادوا أن يقبلوا جوهريات صحف التوراة دون أن يخضعوا للناموس التلمودي وعقائده، لم يؤذن لهم باعتناق اليهودية. ولا شك أن هذا كان من أهم الأسباب التي أدت إلى ظهور النصرانية، فإن طوائف اليونان والسريان المجاورة لفلسطين قد تأثرت بالدين الإسرائيلي وارتاحت لتعاليم التوراة، فاعتنقت العقائد الجوهرية، وآمنت بالمبادئ الأساسية، ورفضت ما لا يناسب روحها القومي ولا يتفق مع تقاليدها القديمة. كذلك وجدت هذه النفسية في الجزيرة العربية، وأخذ العرب يخضعون لبعض الأصول الجوهرية من التوراة دون أن ينقادوا للبعض الآخر. فلم ترض منهم اليهودية ذلك. وهناك أمر آخر عاق انتشار اليهودية بين العرب، ذلك أن التوراة والتلمود كلفا الإنسان بتكاليف صعبة وربطاه بتقاليد كثيرة. هذا إلى أن اليهود يعتبرون أنفسهم أبناء الله وشعبه المختار بين شعوب الأرض. ولا تسمح أنفسهم أن تكون هذه الميزات لشعب آخر ليس منهم، لهذا لا يقرون بأن الله يختار نبيا غير إسرائيلي.» (راجع آية 1 وما بعدها من الإصحاح 14 تثنية).
الفصل الثامن
الأراضي والأماكن المقدسة
القدس - بضم القاف - لغة، لفظ معناه: الطهر. والأرض المقدسة هي الأرض المطهرة، و«بيت المقدس» أو «القدس»: المدينة المعروفة عاصمة فلسطين الآن. يقال : تقدس الله؛ أي تنزه، والله القدوس: المنزه، وعند العرب أن إبراهيم الخليل قد دعا تلك الأرض «أي بيت المقدس» بالقدس، بضم القاف، فسميت بذلك، والله أعلم. ويبدو أن لكل ديانة وأهل دين، أراضي وأماكن، تعد مقدسة، فالأراضي الحجازية عامة، ومكة والمدينة خاصة، والحرم النبوي الشريف وقبور الخلفاء الراشدين على وجه أخص، تعد مقدسة. كذلك تعد من المقدسات مدينة القدس عامة أو قل الأماكن المقدسة، خاصة كنيسة القيامة، التي عند المسيحيين أنها بنيت في المكان الذي صلب فيه سيدنا «عيسى ابن مريم» عليه السلام. وقد أصبحت مبنى دوليا، لكل دولة ولكل طائفة من الطوائف المسيحية العديدة من الكاثوليك والأرثوذكس به أملاك متوارثة، أكثرها رمز من الأحجار والجدران. فهي مقصد المصلين، والحجاج المسيحيين، ومن أجل هذا كان لمسألة فلسطين وقضية الصهيونية والوطن القومي اليهودي أهمية خاصة عند المسيحيين إلى جانب المسلمين. هذا؛ وقد علت «مكان الصلب» طبقات من التراب والأحجار على تعاقب السنين.
ومما ينبغي أن نذكره هنا أن أقباط مصر - كسائر الطوائف - يملكون في القيامة أملاكا يرجع تاريخها إلى أقدم العهود. وحسبنا أن نقول: إن المستر ربتشموند - مدير مصلحة الآثار بحكومة فلسطين - في تمهيده للتقرير الرسمي عن ترميم بناء القيامة الذي كان مرجعه فيه الوثائق الرسمية للحكومة الفلسطينية، والمصادر التاريخية المنزهة، ذكر أنه من الثابت أنه في سنة 1400، كان للروم واللاتين والأرمن والأقباط والسريان والأحباش أملاك في القيامة.
وذكر في موضع آخر أنه في سنة 1664 نزعت ملكيات «طائفة الجوجيين لعجزها عن دفع الضرائب، وفي سنة 1668 نزعت أملاك الحبش للسبب نفسه. وإذا كان بعض الطوائف قد فقد حقوقه في القيامة، إلا أن الأقباط ظلوا محتفظين بها من قبل سنة 1400 إلى الآن. وليس في ذلك ما يدعو إلى الغرابة؛ فإن الذي دشن كنيسة القيامة هو البطريرك العظيم البابا الإسكندري الأنبا إثناسيوس الرسولي بناء على دعوة من الملك قسطنطين نفسه. هذا؛ وقد جاء في كتاب الشيخ المؤتمن أبي المكارم سعد الله بن جرجس بن مسعود الذي توفي منذ سبعة قرون ونصف أنه كان للأقباط بالقدس لغاية سنة 1184م عدة كنائس ذكر منها ما يأتي بحروفه: (1)
وكان في بيعة القيامة في الأسكنا الكبير «القبة» مذبح على اسم السيدة العذراء مفرد للقبط «117». وهذه الكنيسة لا تزال باقية إلى الآن. (2)
نامعلوم صفحہ