[قولهم] (١)، منهم من يُفرق بين الكافور والدهن وغيره ويقول: إن هذا التغير عن مجاورة لا عن مخالطة، ومنهم من يقول: بل نحن نجد في الماء أثر ذلك، ومنهم من يفرق بين الورق الربيعي والخريفي، ومنهم من يُسويِّ بينهما، ومنهم من يُسويِّ بين الملحيْن: الجبلي والمائي، ومنهم من يفرق [بينهما] (٢).
وليس على شيء من هذه الأقوال دليلٌ يُعتمد عليه، لا من نصٍّ ولا قياسٍ ولا إجماعٍ، إذ لم يكن الأصل الذي تفرعت عليه مأخوذًا من جهة الشرع، وقد قال تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢]؛ وهذا بخلاف ما جاء من عند الله فإنه [محفوظ] (٣)، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)﴾ [الحجر: ٩]، فدلَّ ذلك على ضعف هذا القول.
وأيضًا، فإن القول بالجواز موافق للعموم اللفظي والمعنوي مدلولٌ عليه بالظواهر والمعاني؛ فإن تناوُل اسم الماء لمواقع الإجماع كتناوُله لموارد النزاع في اللغة، وصفات هذا كصفات هذا في الجنس، فتجب التسوية بين المتماثلين (٤).
_________
(١) في (خ): [القول].
(٢) سقطت من (خ).
(٣) في (خ): [محفوظًا]، وهو خطأ، والذي أثبته من (د، ف).
(٤) وقال المصنف ﵀ في شرح العمدة (١/ ٧٢): "فأما إن تغير -أي الماء- بما لا يمكن صونه عنه، فهو باق على طهوريته كالماء المتغير بالطحلب وورق الأشجار المنجابة فيه وما يحمله المد من الغثاء، وما ينبت فيه، وكذلك إن تغير بطول مكثه، وكذلك ما تغير بمجاريه: كالقار، والنفط؛ لأن هذا التغير لا يمكن صَوْن الماء عنه، وهو من فعل الله ابتداء
1 / 65