. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
وجعل هذا إحدى علل أربع أعلَّ بها الحديث، كما في "نصب الراية" (١/ ٩٦)، والرد على هذه العلة من وجهين:
الأول: إن كان المقصود بالجهالة جهالة العين، فقد ارتفعت عنه، حيث إنه قد روى عنه اثنان كما سبق: صفوان، والجلاح أبو كثير.
الثاني: أنه لم يتفرد به، قال الحاكم في "المستدرك" (١/ ٢٣٧): "وقد تابع يحيى بن سعيد الأنصاري ويزيد بن محمد القرشي سعيد بن سلمة المخزومي على رواية هذا الحديث، وقد اختلف عليه فيه".
قلت: أخرج رواية يزيد: البخاري في "التاريخ الكبير" (٨/ ١٨١)، والحاكم (١/ ٢٣٩)، والبيهقي في "الكبري" (١/ ٤) من طريق ابن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن خالد بن يزيد عن يزيد القرشي به.
ويزيد، قال الحافظ في "تعجيل المنفعة" (١١٨٧): "قال في الإكمال: مجهول"، وانظر "الإكمال" للحسيني (٩٩١)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (٧/ ٦٣٠)، وذكره الكلاباذي في "رجال صحيح البخاري" (٢/ ٨٨٥)، وقد روى عنه الليث بن سعد، مقرونًا بيزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة.
وأما يحيى بن سعيد فإنه لم يتابع سعيدًا كما قال الحاكم، بل خافه، وهذه هي العلة الثانية التي أعل بها تقي الدين ابن دقيق العيد الحديث، حيث إن يحيى بن سعيد قد رواه عن المغيرة مرسلًا، قال ابن عبد البر: وهذا مرسل لا يقوم بمثله الحجة، ويحيى بن سعيد أحفظ من صفوان بن سليم وأثبت من سعيد بن سلمة.
قلت: وقد اختُلِف على يحيى فيه اختلافًا واسعًا، وقد استقصى هذه الاختلافات الدارقطني في العلل (٩/ ٧ - ١٢).
وفي "علل الترمذي" للقاضي (٣٣) قال أبو عيسى: سألت محمدًا -أي: البخاري- من حديث مالك عن صفوان، فقال: هو حديث صحيح". اهـ وهذا تصريح واضح من البخاري بتصحيح الحديث، لا يصح معه اعتراض ابن عبد البر في "التمهيد" (١٦/ ٢١٨) عليه.
ورغم اعتراض ابن عبد البر هذا على تصحيح البخاري له، فقد صححه، فقال
1 / 59