كذلك نهض غاندي فصام من أجل وطنه وأعلن عدم التعاون مع الحكومة والصوم شعاره في كل حركة.
لجنة سيمون
لم يسع الحكومة البريطانية حيال هذا إلا أن توفد إلى الهند لجنة يرأسها سير جون سيمون بين عامي 1928-1929 ثم أتبعتها بلجنة أخرى، قدمت تقريرا عن الولايات والحكومات الهندية الوطنية، أما المؤتمر فقد طالب بالحكم الذاتي «السوارج». وفي 1930 أقيم مؤتمر المائدة المستديرة في لندن وقد حضره الساسة البريطانيون والهنود ومنهم المهاتما غاندي. هذا وكلما استيقظ الهنود، وضحت مطالبهم فكانت في البداية محدودة الأغراض ثم تطورت إلى طلب الحكم الذاتي داخل نطاق الإمبراطورية، ثم تقدمت خطوة أوسع نحو السوارج وله في اللغة الهندية معان مختلفة؛ منها الاستقلال، وهو ما أقره المؤتمر الهندي الذي يشبه، على نوع ما ومع الفوارق، الوفد المصري حين تألف برياسة سعد زغلول في أواخر 1918، والكتلة الوطنية في سوريا، والكتلة الدستورية في لبنان، واللجنة العليا في فلسطين. وكان «السوارج» عند غاندي في بداية الأمر يعني الحكم الذاتي داخل الإمبراطورية البريطانية متى كان هذا ميسورا أو خارجا عنها إذا ما قضت الضرورة بهذا الانفصال. وفي حرب 1914 لم تحدث أية ثورة أو تمرد بل بادر أمراء الهند إلى تعبئة رجالهم واشتراكهم في ميادين القتال في فرنسا ومصر والعراق والشرق العربي، وقد بلغ عدد الجنود الهنود 200 ألف في تلك الحرب، ومليونين في الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وكان من أثر هذا الاشتراك أن دعيت الهند إلى المؤتمر الإمبراطوري الذي عقد في 1917 وأن صدر في 20 أغسطس 1917 في مجلس العموم البريطاني إقرار «تصريح» جاء فيه: إن سياسة حكومة جلالة الملك ترمي إلى زيادة اشتراك الهنود في كل فرع من فروع الإدارة تمهيدا للتدرج في تحقيق الحكم الذاتي في الهند. وفي ديسمبر 1917 أعرب المؤتمر الهندي عن ارتياحه وشكره لهذا الإقرار، وفي سنة 1919 صدر قانون ينشئ هيئة تشريعية جديدة من مجلسين: أعلى حكومي والأدنى للهنود، وكذلك خولت الأقاليم سلطات أكبر، غير أن السيادة البريطانية في لندن تقف خلف هذا كله، ولقد قاطع المؤتمر الهندي هذا الدستور، وقامت الفتن والاضطرابات في الهند مما كان من أثره أن القائد البريطاني في أرمتزار في 1919 قد أطلق النار على جماعة غير مسلحين، فأصاب مقتلا من 379 وجرح أكثر من ألف ...
وحين قامت الحرب العالمية الأولى (1914-1918) نهض الهنود أو قل فريق من مفكريهم ومواطنيهم يطالبون الحكومة البريطانية بإعلان الحكم الذاتي للهند - كما قدمنا - وذلك بالاستناد إلى اشتراك الهنود وتضحياتهم في سبيل الإمبراطورية في تلك الحرب، وإلى مبادئ ويلسون وحق كل أمة في أن تقرر مصيرها بنفسها، وإلى ما للهند والأمة الهندية من مكانة في عالم الأمم. غير أن الحكومة البريطانية - كما ذكرنا قبلا - لم توافق على هذه المطالب. ثم إنه حين نشبت الحرب العالمية الثانية (1939-1945) أعلنت الحكومة البريطانية على لسان نائب الملك في الهند، أن بريطانيا العظمى - مع قدرها المعونة التي قدمتها الهند، ومع تأكيدها العهود التي سبق قطعها لتحقيق أماني الهند في الاستقلال الذاتي - ترى أن ترجئ بحث التسوية النهائية إلى ما بعد انتهاء الحرب.
الإمارات الهندية
إلى جانب «هند» الإمبراطورية البريطانية، تقوم مئات الإمارات الهندية الخاضعة، في السياسة الخارجية على الأقل، للدولة البريطانية أو حكومة الهند، أما عدد سكان هذه الإمارات فهو سبعون مليونا، أكبرها إمارة حيدرباد، التي مساحتها 82700 ميلا وسكانها 14500000، أما أصغرها فيتألف كل منها من مساحات صغيرة؛ أي بضعة أميال مربعة. ويمكن القول إجمالا بأن لهذه الإمارات نوعا من الاستقلال الذاتي الداخلي كالبوليس والقوانين وفرض الضرائب وتحصيلها والميزانية وتعيين الموظفين، وأن أمراءها حكام بأمرهم، يعد أكثرهم إمارته ضيعة أو إقطاعية له، وسكانها عبيدا أو في حكم العبيد، غير أنه يبدو أن هؤلاء قانعون بحالهم لأنهم ألفوها منذ القرون الطويلة، ولأن الجهل هو الذي يسود نشأتهم ومجتمعهم، ولأنهم - إلى هذا - منقطعو الصلة بالعالم الخارجي، ومن أجل هذا كانت ثروة أمراء الهند، مما تعد أرقامه خيالية، ولبريطانيا - كما قدمنا - في هذه الإمارات نوع من الحماية أو الوصاية، يقوم في الغالب على المعاهدات المعقودة أو الكتب المتبادلة، ولعل أهم شروط هذه الاتفاقات؛ أن لا يكون للإمارات أية علاقات بالدول الأجنبية الأخرى، ولا أن تقوم بين بعض الإمارات وبعضها الآخر العلاقات الدبلوماسية، وأن يشرف البريطانيون على بعض المصالح العامة كالمواصلات والتلغراف، وأن يوجد «مقيم بريطاني» لدى بلاط الأمير ، وعلى رأس الإمارات حيدرباد وبارودا وميسور وكشمير وراجبوتانا والبنجاب وغيرها، وهي تشمل سبعين مليونا، وترتبط مباشرة بالتاج البريطاني، وهي بهذا الوضع بعيدة عن نفوذ الهند.
مقترحات السير ستافورد كريبس
في 1941 ذهب السير ستافورد كريبس أحد الوزراء العمال في الحكومة الائتلافية برياسة المستر تشرشل إلى الهند، موفودا منها لإقناع الزعماء الوطنيين هناك بقبول المقترحات الجديدة التي عرضها. غير أنهم ومعهم غاندي استمسكوا بوجوب إعلان الاستقلال التام للهند وجلاء الجنود البريطانية عنها منذ يومئذ، وعدم إرجاء تحقيق ذلك إلى ما بعد الحرب، وقد أعقب هذا اعتقال الوطنيين ومرض غاندي.
وقد وضعت هذه المقترحات على صورة بيان أو تصريح أذيع يومئذ، والتصريح شطران، يختص أولهما بالكلام عن الدستور وطريقة وضعه والوعد بعقد معاهدة، أما الشطر الثاني فللكلام عن مسئولية الدفاع عن الهند إلى مراحل التنفيذ فيتناول طبقا للتصريح ما يأتي: (1)
عند انتهاء الحرب تجرى الانتخابات لمجالس النواب والهيئات التشريعية الإقليمية. (2)
نامعلوم صفحہ