هذا وتجتمع المجالس الستة في مجلس عام لمراقبة المعابد والأعمال العامة والمواني والأسعار. وثمة موظفون في المدن والريف مهمتهم تدوين المال والسكان في التسجيلات، كذلك يصدر القائم بأمر جوازات السفر هذه الجوازات مقابل دفع شيء عند دخول البلاد أو مغادرتها كما ورد في ترجمة شامستري سالفة الذكر. ومن رأي المؤلف ذاته أن الرشوة وألوان التلاعب كانت متفشية في هؤلاء الموظفين.
أما الصنف الثالث من الموظفين فهم إدارة أو وزارة الحرب، فقد كانت مؤلفة من ستة مجالس كل منها من خمسة أشخاص مع سكرتيرية من الموظفين العديدين وهي مجالس الأميرالية، والمشاة، والمركبات، ورجال التعيينات والفرسان، والفيلة، وكانت قوات الإمبراطورية تتألف من جيوش وراثية تمثل التقسيم الاجتماعي القديم للكشاتريا، كالإقطاعيين والمقترعين وقبائل الغابات التي يبدو أن أفرادها كانوا يخصصون للحملات الصغيرة. «راجع ص489 الجزء الأول من كتاب تاريخ الهند، تأليف كامب»، وكان لدى الجيش الأدوات الحربية الثابتة والمتحركة والحرس الاحتياطي، وقد عرف الجيش نوعا من النظام منذ حملة الإسكندر، بعد أن كان الجيش خليطا همجيا من الأفراد المسلحين، وكان من نظم الحرب عدم المساس بالأسرى الجرحى، وتوضح كتب الأرشاساسترا المبادئ التي تقوم عليها إدارة الحرب.
ولقد كان تحصين العاصمة يقوم على الأساليب العلمية، فكان هناك النواتئ والطرق المغطاة والشارع الواسع حول الجانب الداخلي لسور المدينة، وكانت الحدود محصنة بالقلاع والاستحكامات.
أما وزراء المملكة الأساسيون فيشملون وزير المالية، ووزير الأشغال ومهمته المحافظة على المباني العامة وقياس الماء، ورئيس القضاة ووزير المكاتبات ومهمته إصدار المراسم الملكية، وكبير أمناء البلاط الملكي، وقائد الحرس الملكي. وعلى رأس الحكومة وفوق مناصبها المجلس الداخلي للملك وهو مؤلف من أربعة أشخاص؛ الديوان «رئيس الوزارة»، والبوروهيتا «المستشار الديني»، والسيناباتي «القائد العام»، واليوفاراجا «ولي العهد» - راجع صفحة 124 من كتاب نظرية الحكومة في الهند القديمة، تأليف ب. براساد.
وقد انتهى منذ يومئذ عهد تنصيب الملوك عن طريق الانتخاب على أن للملك أن يختار أحد أولاده وليا للعهد دون التقيد بالابن البكر، وكان يفرض على وريث الملك تربية عقلية وخلقية دقيقة.
وهناك عدد من المناصب الرئيسية كان التعيين فيها بالوراثة وكانوا يختارون من الطوائف العالية عدا البوروهيتا «البرهمي»، وعلى مدى الأيام أخذ أباطرة الأسرة الفاندية يتصلون بالشعب، الأمر الذي لازم الحكم الإسلامي خاصة والشرقي عامة، وحسبنا أن نذكر هنا أن أعظم الموريين كان يستمع إلى قضايا رعاياه في خلال تدليكه اليومي. ولقد كان الإمبراطور أو السلطان «أكبر» يستيقظ قبل الفجر ويطل على رعاياه المترقبين ظهوره لكي يفصل في شئونهم ويقضي في مصائرهم. أما الحكام المسلمون من المغول فقد كانوا، حتى أشدهم طغيانا وعسفا، يجلس بين رعاياه الذين يرفعون إليه قضاياهم، فيفصل فيها بأمر ينفذ في الحال، وكان يشترط في الحكم توافر الكفاية إلى جانب عراقة الأصل، وكانت الكفاية مفضلة أحيانا على الوراثة. وقلما كان الملوك والأباطرة ابتداء من الإسكندر قصيري الأجل وكانوا يعزلون الحكام الذين خضعوا لهم، فكان الحكم غير مركزي، وكانت الإمبراطورية أقرب إلى الاتحاد أو التعاهد على أنه قد حل محل النظام الإقطاعي، حكم الخاصة «الأعيان» في بعض الدويلات المتنافسة وبيروقراطية منظمة تنظيما راقيا يعززها جيش من الجنود العاملين والجواسيس والمخبرين من الرجال والنساء.
الملك
أما الملك فقد كان على رأس هذا كله وفي سبيل مصلحة المملكة لا يقف أمامه أي قانون، وكان يسوغ له أن يتخذ أية وسيلة لتحقيق مصلحته، أما العلاقات مع البلاد الأجنبية فكانت تقوم على المبادئ الحربية الأربعة التالية: (1) الحرب و(2) التفاهم و(3) الرشوة و(4) الخصومة. وكان يتذرع إلى هذا باستعمال الخيانة والدعاية والمناورات الدبلوماسية.
أما الزمن اليومي فمقسم فترات: أربع ساعات ونصفا للنوم، وثلاثا للحمام والطعام والدراسة الخاصة، وساعة ونصف الساعة لتأدية الواجبات الدينية، وساعة ونصف الساعة للرياضة، و13 ساعة ونصفا لشئون الدولة تبدأ منذ تحية اليوروهبيتا قبل الفجر والاطلاع على تقارير الجواسيس عند مغيب الشمس إلى آخر جلسة للنساء والأطباء في غرفة النار المقدسة، وكانت التدابير تتخذ للمحافظة على حياة الملك حين يحضر إلى القصر الأكبر، حول ممراته السرية ودرج السلم والأعمدة المجوفة وحيث تقيم زوجات الملك وخليلاته، وكان يغير غرفات نومه خشية اغتيال حياته، وكان ينام على نغمات الموسيقى.
وكان الملك يجلس للنظر في قضايا الأفراد حين يجرى تدليك جسمه كما قدمنا.
نامعلوم صفحہ