القول في الحب والبغض وهاتان الصفتان إنما يوصف الله تعالى بها مجازا، لأن المحبة في الحقيقة ارتياح النفس إلى المحبوب، والبغض ضد ذلك من الانزعاج والنفور الذي لا يجوز على التقديم، فإذا قلنا إن الله عز وجل يحب المؤمن ويبغض الكافر فإنما نريد بذلك أنه ينعم على المؤمن ويعذب الكافر، وإذا قلنا إنه يحب من عباده الطاعة، ويبغض منهم المعصية جرى ذلك مجرى الأمر والنهي أيضا على المعنى الذي قدمنا في الغضب والرضا.
القول في سميع وبصير إعلم أن السميع في الحقيقة هو مدرك الأصوات بحاسة سمعه، والبصير هو مدرك المبصرات بحاسة بصره، وهاتان صفتان لا يقال حقيقتهما في الله تعالى، لأنه يدرك جميع المدركات بغير حواس ولا آلات، فقولنا: إنه سميع إنما معناه لا تخفي عليه المسموعات، وقولنا: بصير معناه أنه لا يغيب عنه شئ من المبصرات، وأنه يعلم هذه الأشياء على حقائقها بنفسه لا بسمع وبصر، ولا بمعان زائدة على معنى العلم:
وقد جاءت الآثار عن الأئمة عليهم السلام بما يؤكد ما ذكرناه.
قال شيخنا المفيد رضوان الله عليه:
" أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عيسى عن حماد عن حريز عن محمد بن سالم الثقفي، قال: قلت لأبي جعفر الباقر عليه السلام: إن
صفحہ 15