قال أحمد بن يحيى صلوات الله عليهما: الدليل على إن الاستطاعة قبل الفعل قول الله تبارك وتعالى: { فإن كان الذي عليه الحق فيها أو ضعيفا أو لا يستطيع إن يمل هو فليملل وليه بالعدل } . فأخبرنا عز وجل أن وليه قد يستطيع الإملاء، والإملاء معدوم لم يوجد بعد، ولو كان الولي كما هذا الآخر لا يستطيع لم يكن للآية معنا، ولكان تأويله إن لم يستطع أن يمل هو فليملل وليه الذي لا يستطيع أيضا، والله عز وجل متعال متقدس عن قول هذا ومخرجه وسيبله، ومن الدليل على ذلك أيضا أنه لو كان الأمر على ما ذكره القوم المخالفون لنا أن الاستطاعة مع الفعل يحدث في حال الفعل، لكان الكافر لا يؤمن به أبدا حتى تأتيه استطاعة الإيمان، وكانت الاستطاعة لا تأتيه أبدا وهو كافر، ولو كان هكذا ما جاز أن يؤمن كافر بوجه من الوجوه. ألا ترى أن رجلا لو كان في جوف بئر فقيل له: إنك لا تخرج من هذه البئر أبدا حتى تؤتى بحبل، ولن تؤتى بحبل ما دمت في البئر، لما جاز أن يخرج هذا الرجل من تلك البئر أبدا على هذا الشرط بوجه من الوجوه، كذلك فإذا الكافر لا يؤمن أبدا حتى يؤتى باستطاعة الإيمان وهو كافر، لأن الكافر لا يستوجب من الله عز وجل المادة ولا المعونة ولا لطائف الصنع، وإما على الرسل والأئمة عليهم السلام الدعاء إلى الله عز وجل وعلى الخلق أن يجيبوهم، لأن معهم الاستطاعة على ذلك، والكلام في هذا كثير وفيما ذكرت لك كفاية بحول الله ومعونته.
20- وسألت عن قول الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه: { وصلى
عليهم } . فقلت: ما معنى قوله: { وصلى عليهم إن صلاتك سكن لهم } . فقلت: كيف يصلي النبي صلى الله عليه عليهم؟
قال أحمد بن يحيى صلوات الله عليهما: الصلاة في هذا الموضع دعاء لهم بالخير والرحمة وما أشبه ذلك، والصلاة في لغة العرب فهي الدعاء قال الأعشاء البكري:
تقول بنتي وقد قربت مرتحلا ... يا رب جنب أبي الأوصاب والوجفاء
عليك مثل الذي صليت فاعتصمي ... يوما فإن لجنب المرء مضطجعا
يقول: عليك مثل الذي دعوت لي به وهذا غير منكر في لغة العرب، فافهم ذلك إن شاء الله.
21- وسألت عن قوله عز وجل: { إذ تحسونهم بإذنه } . فقلت: ما
الحسن هاهنا وما معناه؟
قال أحمد بن يحيى عليه السلام: إن الحسن هو الضرب والقتل، وهو الحسن بفتحة الحاء، والحسن بخفظة الحاء، فذلك من طريق الحسن مخفوظ وهو الذي يحسن الإنسان من الشيء الذي يؤنسه، تقول العرب: أنست صوتا في مكان كذب وكذا، يعني أحسست، وتقول العرب: أوجست كذ وكذا، وكل ذلك شيء واحد، إلا الحسن الذي عنى الله عز وجل فإنه بفتح الحاء، وهو القتل والضرب الذي عنى الله عز وجل حين قال: { إذ تحسونهم بإذنه } . قال الشاعر:
صفحہ 11