قال: { فلما تجلى ربه للجبل } . يعني: فلما تجلى ربه بالجبل، أي تجلى لخلقه الذين كانوا مع موسى صلوات الله عليه بالجبل، يعني أن تجليه بالجبل هو دلالة لهم عليه، فلما أوقع من الآية التي نظروا إليها فقامت اللام الزائدة مقام الباء، لأن حروف الصفات يعقب بعضها بعضا، والله تبارك وتعالى لا يتجلى للجبل، والله عز وجل لم يغب عن الجبل منذ خلق الجبل، والتجلي يلزم من كان عليه حجاب وستر، ثم تجلى عنه ذلك الحجاب، والله عز وجل متقدس متعال عن ذلك، لأنه شاهد كل نجوى، وحاضر كل ملي لا يخلو منه مكان ولا يخفى عليه، والتجلي فقد تعرفه العرب في لغاتها وأشعارها، وأنه يجوز عندها على يغر تجلي الرؤية من ذلك قول الشاعر يصف بعض الملوك، لأنه تجلى لقوم خالفوا أمره فوجه إليهم عسكرا ولم يبرح هو، قال الشاعر:
تجلى لهم بالمشرفية والقنا ... وإن كان من طعت الأسنة نائيا
فترى كيف خرج التجلي عند العرب وكيف جوازه في لغاتهم ومخاطباتهم، وقد قال عز وجل: { يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون } . فكيف يستوفون الخيرات لو سبقوا الخيرات لم يكن ذلك لهم ب فخر ولا لهم فيه مديح، وإنما المعنى فيه يسارعون في الخيرات وهم بها سابقون، فقامت اللام مقام الباء. قال اشاعر:
لقد نلت أموا لم تكن لتناله ... ولكن لفضل الله ما نلت ذلك
يريد بفضل الله، فأقام اللام مقام الباء، فها حجة في حروف الصفات التي يعقب بعضها بعضا، وقد جرى في ما سألت عنه نظائر لهذا في جواباتنا هذه، وفيه لك الكفاية بحول الله وقوته، وبهذا الجواب في هذه الآية يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون أجاب أبي الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين.
72- وسألت هل يجري على الله عز وجل شيء مما يجري على المخلوقين
في بعض المعاني من قليل أو كثير؟
صفحہ 43