والجواب لهم في ذلك أن يقال لهم: أليس قد رويتم في كتبكم وأخباركم أن هذه الآية نزلت في أبي طالب بن عبد المطلب حيث قال الله عز وجل: { وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون أنفسهم وما يشعرون، ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا } .... إلى آخر الآية. فقد أخبر الله عز وجل عن أبي طالب، وعن وقوفه على النار كيف يكون كما رويتم أنتم وغيركم، ثم رويتم أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له عند الموت:( يا عم قل لا إله إلا الله وأقر أني رسول الله صلى الله عليه واضمن لك على الله الجنة )، فيقال للمجبرة: فما تقولون لو أسلم أبو طالب في ذلك الوقت. وأجاب النبي صلى الله عليه إلى ما أراد هل كان ينفعه إسلامه كما قال له رسول الله صلى الله عليه أو لم يكن ينفعه. فإن قالوا: لم يكن ينفعه إسلامه جهلوا رسول الله صلى الله عليه وخطوا فعله وأفسدوا ضمانه، وقد قال الله عز وجل: { وما ينطق عن الهوى } . وقال: { إن ابتع إلا ما يوحى إلي } . وإن قالوا: بلى قد كان ينفعه إسلامه لو أسلم، وجب عليهم أن وعد الله تعالى منتقض، وإن وعده يخلف، لا بد لهم أن يقولوا أحد القولين، وفي ذلك فساد قولهم وبطلان دعواهم، لأنهم إن زعموا أن قول النبي صلوات الله عليه وضمانه لأبي طالب أمر فاسد لا يصح، خطوا النبي وكفروا، وإن قالوا: إنه ضمان صحيح بطلت دعواهم في قولهم إن وعد الله يخلف في قول أهل العدل، لقول الله عز وجل: { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم } . فها هو الجواب، فافهمه وقف عليه إن شاء الله.
61- وسألت عن قول الله عز وجل: { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا
في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأءها إن ذلك على الله يسير، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم } . فقلت: فيقول القائل: وأي مصيبة أعظم من المصيبة في الدين وإن المصيبة مكتوبة على العباد؟
صفحہ 36