هم صلبوا العبدي في جذع نخلة ... فلا عطست شيبان الأباء جدعا ومثل ذلك قوله عز وجل: { ومن أهل الكتاب من أن تأمنه بدينار } . أي على دنيا، فقامت الباء مقام على، ومثل قوله عز وجل: { ونصرناه من القوم } . أي على القوم، فقامت من مقام على، وهذا يكثر عن أن يحيط به في كتابنا وفيما أجبناك به كفاية إن شاء الله.
24- وسألت عن قول الله عز وجل: { أستفزر من استطعت منهم بصوتك
واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد } . فقلت: كيف جاز أن يأمر الله عز جل بهذه الأشياء وكلها له معصية لا يجوز في العدل، وكيف يشارك الشيطان الناس في الأموال والأولاد؟
قال أحمد بن يحيى رضي الله عنه: إن ذلك جائز في اللغة العربية أن يخرج الكلام من المتكلم مخرج الأم، ومعناه على خلاف ذلك الذي خرج عليه، وإنما هذا عندنا على الوعد والتهدد، كنحو قول الرجل اجهد جهدك واحمد حمدك، كل ذلك على الوعيد، وقد تقول العرب للرجل أذهب، اقتل فلانا وأضربه بالسيف على جهد الوعيد، وهم لا يحبون قتله ولا ضربه ولا يريدون ذلك من الذي أمروه به، كقول أمير المؤمنين صلوات الله عليه لطلحة والزبير يوم عاتباه ثم أدبرا عنه أذهبا فآخرجاها يعني عائشة، وهو لا يريد أن يخرجاها من منزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا أن يخرجاها تحاربه، وهذا في اللغة كثير معروف.
وأما ما سألت عنه من مشاركته لهم في الأموال والأولاد فإن ذلك كثير كشركة الآدميين، إنما ذلك كنحو قول السحرة لفرعون، أقض ما أنت قاض أي أصنع ما أنت صانع، كل ذلك على الوعيد، وأما شركته في الأموال فهو أن تؤخذ بغير حقها، وإن يطاع الشيطان فيها، فإذا فعلوا ذلك فقد جعلوا شركاء في أموالهم.
وأما الأولاد فإذا نكحوا الحرام وولدهم من النكاح بمال الحرام، فقد أشركوا الشيطان في ذلك بطاعتهم، فصارت طاعته سببا للشركة في أولادهم.
25- وسألت عن قول الله عز وجل: { وننزل من القرآن ما هو شفاء
ورحمة للمؤمنين } . وقلت: فإن قال لنا قائل : وهل يجوز أن يكون بعضه غير شفاء؟
صفحہ 13