ثم قفا أثرهما وسلك في ذلك التفسير سبيلهما ونسج على منوالهما الإمام الأعظم الهادي إلى الحق الأقوم يحي بن الحسين عليهما السلام فإنه فسر من (عم) إلى سورة (المنافقين) وهو لعمري ترتيب عجيب وأسلوب غريب إذ بدأ بالسور القصار، ولم يبدأ بالطوال والمابين تسهيلا على الطالبين، وتيسيرا على المسترشدين لأن أحسن الطرق في التعليم والتفهيم الأخذ من الأقرب فالأقرب مترقيا إلى الأصعب فالأصعب، وهذا هو الوجه الذي جرى عليه أسلوب من بدأ يتعلم كتاب الله عز وجل يبدأ بذلك لهذا الوجه فجزاهم الله عن المسلمين خيرا كثيرا.
وقد رأيت أن أحذوا حذوهم، وأتبع آثارهم، وأقتدي بوضعهم، وأستضيء بنورهم، وأسري هذا المسرى الذي توخيت بدلالتهم، رجاء أن أفي ببعض حقهم وأنتظم في سلك من حفظ علومهم لأفوز إن شاء الله في يوم القيامة ببركة محبتهم.
اللهم بحقك وبحق نبيئك، وأهل بيته المطهرين صلواتك وسلامك عليهم أجمعين أن تجعلني لهم من المتبعين، ولحذوهم من الممتثلين، ولطريقهم من السالكين، ولسنتهم من المقتدين، ولحقك وحقهم من العارفين، والحمد لله إذ جعلتهم لي إلى كل شرف ورفعة وخير هاديا وسببا، وجعلتني بهم إليك متوسلا متقربا أدعوك حامدا لك راغبا وراهبا، وأفزع إليك في كل ما كان بغية لي ومطلبا حتى تحشرني بعد فناء الأجسام والأعراض والأجساد، وتحشرني إذا حشرت خلقك يوم التناد، وقيام الأشهاد كل حزب مع حزبه، وكل محب مع محبه، وكل قرين مع قرينه، وكل معين مع معينه في زمرة جدنا وأسرته، ونجباء ذريته صلى الله عليه وعليهم وسلم صلاة يرفعهم بها أعلى الدرجات في جنته.
صفحہ 54