رجلًا فقيرًا كان في بيته قط قد رباه مثل الولد فكان القط لا يفارق بيت صاحبه ولأجل فقره كان بيته خاليًا عما يتقوت به القط فحصل له بسبب ذلك ضعف البدن بحيث سقطت قواه وعجز عن الصيد وكان في بيته وكر فأرة ولها منفذ إلى بيت جاره وهو رجل سمان وعنده أنواع المأكولات فكانت الفارة تنقل من السمن ومن طيب المأكولات وبواسطة ضعف القط كانت تقوى على الدخول والخروج إلى البيت، فتفكرت الفارة يومًا من الأيام في أن القط وإن كان عاجزًا عن معاناة الصيد الآن ربما حصلت له قوة في المستقبل لأن الدنيا لا تدوم بحالة واحدة كما قيل:
هي الدنيا تقول بملء فيها ... حذار حذار من بطشي وفتكي
فلا يغرركم مني ابتسام ... فقولي مضحك والفعل مبكي
فإذا حصل له في نفسه قوة يمنعها من الدخول والخروج ويكون في نفسه حقد لها لما كان يراه من سالف حاله وحالها فأداها فكرها إلى مصادقته في حال ضعفه وتهدي إليه ما يتقوت به فربما يرجع عن غيظه ويفيدها ذلك في المستقبل فحملت من أنواع المأكولات ما قدرت على حمله وجاءت إلى القط وسلمت عليه سلام مشتاق وسألته عن خاطره وقالت: يعز علي أن أرى أبا عروان في هذه الحالة وهنا شيء بالمزيد وقد عزمت على مصادقتك فإن سمح خاطرك الكريم بالرغبة في مصادقتي ورفع العداوة القديمة وتأكيد ذلك بالإيمان التي يطمئن بها الخاطر فأنا أحمل كل يوم إلى حضرتك غداءٍ أو عشاءٍ يكفيك مؤونة التكسب وترجع نفسك إليك، فرغب القط في ذلك وحلف لها وتأكدت بينهما الصداقة وصارت الفأرة كل يوم تنقل إليه ما يكفيه إلى أن نصل من ضعفه وقوى وسمن وانعقدت بينهما الصحبة وتأكدت وانقطع القط إلى
1 / 91