فأحببت أن يكون ذلك بحضرة العلما ومجمع من الأكابر والفضلا وأرباب الدولة والمناصب ليأخذ كل واحد منهم نصيبه وتتوفر العائدة وتعم الفائدة، وقد أذنا لك في الكلام فقل ما بدا لك. والسلام.
فقال مرزبان: يا مولانا الملك حيث أنعمت في الكلام فأتمم ذلك بحسن الإصغا فإن حسن الإصغا هو الدرجة الثانية وذلك أن حسن الأداء هو المرتبة الأولى وحسن الإصغا هو الدرجة الثانية والاستفادة هي الغاية القصوى والدرجة الثالثة، ثم أعلم أيها الملك أن النصيحة خير والنفس مائلة إلى الشر فبينهما تنافر من أصل الخلقة فالسعيد من تفكر في معاني الحكم وتأمل في عواقب الأمور وتلقى الأشياء من طرق الاعتبار وقد قيل:
إذا لم يعن قول النصيح قبول ... فإن معاريض الكلام فضول
ثم أعلم يا ملك الزمان أن أفضل شيء تركب في وجو الإنسان وحسن جوهر وزان عقد تركيبه العقل وأشرف خصلة تتوج بها العقل الخلق الحسن ولأجل هذا قال الله تعالى: لأشرف مخلوقاته ﷺ: وإنك لعلى خلق عظيم وبالخلق الحسن ينال الذكر الجميل في الدنيا والآخرة. وأشرف الموجودات من الخلائق الإنسان وأفضل جنس الإنسان بعد الأنبياء ﵈ الملوك، وإذا كان الملك حسن الخلق كان في الدرجة العليا من الكمال، ومن جملة حسن الخلق العدل والشفقة على الرعية وإذا صلح السلطان وحسن خلقه صلحت الرعية طوعًا أو كرهًا لأن الناس على دين ملوكهم. ثم أعلم أن أقبح عادة للملك الخفة والطيش وعدم الثبات لأن الرجل الخفيف لا يقدر على تدبير الأمور الجليلة ولا الدخول في القضايا الشاقة ولا يستطيع أن يصل إلى
1 / 16