والدليل على أن الله تعالى لا أول لوجوده هو: أنه لو كان لوجوده أول لوجب أن يكون محدثا مخلوقا، فيحتاج حينئذ إلى خالق خلقه، ومحدث أحدثه، وهكذا إلى ما لا نهاية، وللعقل في هذه المسألة إفتراضان لا غير:
إما أن يكون الخالق قديما.
وإما أن يكون محدثا.
وقد بطل بالدليل العقلي الذي قدمنا أن يكون الخالق محدثا، فوجب أن يكون قديما، وعلى هذا فيجب التصديق والإيمان بأن الخالق تعالى قديم لا أول لوجوده.
} وهو السميع البصير{
يجب الإيمان بأن الله تعالى سميع بصير، ومعنى ذلك: أنه تعالى لا يخفى عليه شيء من المسموعات ولا من المرئيات، فهو سبحانه يسمع كل شيء مما يسمع، ويرى كل شيء مما يرى، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وقد قال تعالى: }ليس كمثله شيء وهو السميع البصير{ [الشورى/11]، ويجب أن نعرف هنا أن رؤية الله وسمعه للأشياء ليس بآلة سمع وآلة بصر كما في الحيوانات، فليس له تعالى عينان يبصر بهما، ولا أذنان يسمع بهما، وليس له قلب وعقل يفكر بهما - تعالى سبحانه عن ذلك - }ليس كمثله شيء وهو السميع البصير{ [الشورى/11].
} ليس كمثله شيء {
أولا: المخلوقات الموجودة هي أجسام، وهذه الأجسام لها صفات وهيئات، وهذه الصفات والهيئات اسمها أعراض، فالأعراض إذن هي توابع للأجسام، وليست شيئا مستقلا، والجسم ثلاثة أنواع:
صفحہ 4