مراقی الجنان
مراقي الجنان بالسخاء وقضاء حوائج الإخوان
اصناف
ثم أخبره بأمره، فقال له: إن عبد الله بن جعفر ليس يرام ما قبله إلا بالخديعة، وإن يقدر أحد على ما سألت فأرجو أن أكونه، والقوة بالله، فأعني بالمال. قال: خذ ما أحببت.
فأخذ من طرف الشام وثياب مصر، واشترى متاعا للتجارة من رقيق ودواب وغير ذلك. ثم شخص إلى المدينة فأناخ بعرصة عبد الله بن جعفر، واكترى منزلا إلى جانبه، ثم توسل إليه وقال: رجل من أهل العراق، قدمت بتجارة وأحببت أن أكون في عز جوارك وكنفك إلى أن أبيع ما جئت به.
فبعث عبد الله بن جعفر إلى قهرمانه أن أكرم الرجل ووسع عليه في نزله.
فلما اطمأن العراقي، سلم عليه أياما وعرفه نفسه، وهيأ له بغلة فارهة وثيابا من ثياب العراق وألطافا، فبعث بها إليه، وكتب معها: يا سيدي، إني رجل تاجر، ونعمة الله علي سابغة، وقد بعثت إليك بشيء من لطف، وكذا وكذا من الثياب والعطر، وبعثت ببغلة خفيفة العنان، وطيئة الظهر، وأنا أسألك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قبلت هديتي ولم توحشني بردها، وإني أدين الله تعالى بحبك وحب أهل بيتك. وإن أعظم أملي في سفرتي هذه أن أستفيد الأنس بك والتحرم بمواصلتك.
فأمر عبد الله بقبض هديته، وخرج إلى الصلاة، فلما رجع مر بالعراقي في منزله، فقام إليه وقبل يده، فرأى أدبا وظرفا وفصاحة. فأعجب به وسر بمكانه ونزوله عليه. فجعل العراقي في كل يوم يبعث إلى عبد الله بلطف يطرفه.
فقال عبد الله: جزى الله ضيفنا هذا خيرا، قد ملأنا شكرا وما نقد على مكافأته على ذلك.
فدعاه عبد الله، ودعا بعمارة في جواريه. فلما طاب لهما المجلس وسمع غناء عمارة، تعجب، وجعل يزيد في عجبه.
صفحہ 100