ضرب المثل الحق أي الثابت من ربهم فلا يسوغ إنكاره لأنه ليس عبثا بل هو مشتمل على الأسرار والفوائد وأما الذين كفروا من اليهود فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا تمييز نسبة من اسم الإشارة. أي أي فائدة في هذا المثل قال الله تعالى في جوابهم: يضل به أي بهذا المثل عن الدين كثيرا من اليهود ويهدي به كثيرا من المؤمنين وما يضل به إلا الفاسقين (26) أي الخارجين عن حد الإيمان. الذين ينقضون عهد الله هو الحجة القائمة على عباده الدالة على وجوب وجوده ووحدانيته وعلى وجوب صدق
رسله من بعد ميثاقه أي توكيده ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل فالله أمرهم أن يصلوا حبلهم بحبل المؤمنين فهم انقطعوا عن المؤمنين واتصلوا بالكفار ويفسدون في الأرض بتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن. أولئك الموصوفون بنقض العهد وما بعده هم الخاسرون (27) أي المغبونون بذهاب حسناتهم التي عملوها، وبذهاب نعيم الجنة الذي لو أطاعوا الله لوجوده. كيف تكفرون بالله والحال أنكم وكنتم أمواتا أجساما لا حياة لها، نطفا وعلقا، ومضغا فأحياكم بنفخ الأرواح فيكم ثم يميتكم عند انقضاء آجالكم ثم يحييكم بالنشور ثم إليه ترجعون (28) بعد الحشر فيجازيكم على أعمالكم إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. والمعنى ثم إليه تنشرون من قبوركم للحساب هو الذي خلق لكم أي لأجل انتفاعكم في الدين والدنيا بالاستدلال على موجدكم، وإصلاح الأبدان ما في الأرض جميعا ثم استوى أي قصد إلى خلق السماء أي تعلقت إرادته تعلقا حادثا بترجيح وجود السماء على عدمها، فتعلقت القدرة بإيجادها، فسواهن أي فجعل السماء سبع سماوات والحاصل أن الله تعالى خلق الأرض من غير بسط في يومين، ثم خلق السموات السبع مبسوطة في يومين، ثم خلق ما في الأرض مما ينتفع به في يومين. وعن ابن مسعود قال: إن الله تعالى كان عرشه على الماء ولم يخلق شيئا قبل الماء، فلما أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء فسماه سماء، ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين في الأحد والإثنين، فجعل الأرض على حوت، والحوت في الماء على صفاة، والصفاة على ظهر ملك، والملك على الصخرة، والصخرة على الريح فتحرك الحوت، فتزلزلت الأرض، فأرسى عليها الجبال، فقرت. فالجبال تفتخر على الأرض. وهو بكل شيء عليم (29) فلا يمكن أن يكون خالقا للأرض وما فيها، وللسموات وما فيها من العجائب والغرائب إلا إذا كان عالما بها محيطا بجزئياتها وكلياتها. وإذ قال ربك للملائكة فإذا نصب بإضمار اذكر.
وقيل: زائدة. وقيل: بمعنى قد. ويجوز أن ينتصب بقالوا: أتجعل أي قالوا ذلك القول وقت قول الله تعالى: إني جاعل في الأرض خليفة [البقرة: 3] .
روى الضحاك عن ابن عباس: إنه تعالى إنما قال هذا القول للملائكة الذين كانوا في
صفحہ 14