مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
ایڈیٹر
محمد أمين الصناوي
ناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
ایڈیشن نمبر
الأولى - 1417 هـ
اصناف
وأن الله غفور رحيم (98) وهذا تنبيه على دقيقة وهي أن ابتداء الإيجاد كان لأجل الرحمة والظاهر أن الختم لا يكون إلا على الرحمة ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون (99) أي إن الرسول كان مكلفا بالتبليغ فلما بلغ خرج عن عهدة التكليف وبقي الأمر من جانبكم وقد قامت عليكم الحجة فلا عذر لكم من بعد في التفريط، وأنا عالم بما تبدون وبما تكتمون فإن خالفتم فاعلموا أن الله شديد العقاب فيؤاخذكم بذلك نقيرا وقطميرا وإن أطعتم فاعلموا أن الله غفور رحيم قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فإن المحمود القليل من الأعمال والأموال خير من المذموم الكثير منهما والخطاب لكل معتبر.
قيل: نزلت هذه الآية في رجل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الخمر كانت تجارتي وإني اعتنقت من بيعها مالا فهل ينفعني من ذلك المال إن عملت فيه بطاعة الله تعالى؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «إن أنفقته في حج أو جهاد أو صدقة لم يعدل جناح بعوضة. إن الله لا يقبل إلا الطيب»
«1» فاتقوا الله بأن تتحروا ترك الخبيث من الأعمال والأموال ظاهرا وباطنا ولا تحتالوا في تركه بالتأويل يا أولي الألباب أي أصحاب العقول السليمة لعلكم تفلحون (100) أي لعلكم تصيرون فائزين بالمطالب الدنيوية والدينية العاجلة والآجلة
يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم أي إن تظهر لكم تلك الأشياء تحزنكم والمعنى اتركوا الأمور على ظواهرها ولا تسألوا عن أحوال مخفية إن تبد لكم تسؤكم وما بلغه الرسول إليكم فكونوا منقادين له وما لم يبلغه إليكم فلا تسألوا عنه فإن خضتم فيما لا يكلف عليكم فربما جاءكم بسبب ذلك الخوض ما يشق عليكم.
روى أنس أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأكثروا المسألة فقام على المنبر فقال: «سلوني فو الله لا تسألوني عن شيء ما دمت في مقامي هذا إلا حدثتكم به» فقام عبد الله بن حذافة السهمي وكان يطعن في نسبه فقال: يا نبي الله من أبي؟ فقال: «أبوك حذافة بن قيس!» . وقام آخر فقال: يا رسول الله أين أبي؟ فقال: «في النار» وقال سراقة بن مالك أو عكاشة بن محصن: يا رسول الله الحج علينا في كل عام؟ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أعاد مرتين أو ثلاثة، فقال صلى الله عليه وسلم: «ويحك وما يؤمنك أن أقول نعم والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم، ولو تركتم لكفرتم فاتركوني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما
صفحہ 296