مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
ایڈیٹر
محمد أمين الصناوي
ناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
ایڈیشن نمبر
الأولى - 1417 هـ
اصناف
قال: «فالله أحق أن يعفو ويصفح»
«1» والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ذلك المذكور كفارة أيمانكم إذا حلفتم وحنثتم واحفظوا أيمانكم أي قللوا الأيمان وضنوا بها كذلك أي مثل ذلك التبيين لحكم الأيمان يبين الله لكم آياته أي أعلام شريعته لعلكم تشكرون (89) نعمته فيما يعلمكم. يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر أي المسكر والميسر أي القمار والأنصاب أي الأصنام التي نصبها المشركون ويعبدونها والأزلام سهام مكتوب عليها خير وشر رجس أي قذر تعاف عنه العقول عنه العقول من عمل الشيطان أي من الأمور التي يزينها للنفس فاجتنبوه أي الرجس لعلكم تفلحون (90) أي لكي تنجوا من العذاب
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر إذا صرتم نشاوى كما فعل الأنصاري الذي شج رأس سعد بن أبي وقاص بلحى الجمل والميسر إذا ذهب مالكم ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة لأن شرب الخمر يورث اللذة الجسمانية والنفس إذا استغرقت فيها غفلت عن ذكر الله وعن الصلاة، ولأن الشخص إذا كان غالبا في القمار صار استغراقه في لذة الغلبة مانعا من أن يخطر بباله شيء سواه فهل أنتم منتهون (91) أي قد بينت لكم مفاسد الخمر والميسر فهل تنتهون عنهما أم أنتم مقيمون عليهما كأنكم لم توعظوا بهذه المواعظ؟ وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول في أمرهما بالاجتناب عن الخمر والميسر واحذروا عن مخالفتهما في التكاليف فإن توليتم أي أعرضتم عن طاعتهما وعن الاحتراز عن مخالفتهما فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين (92) أي فالحجة قامت عليكم والعلل انقطعت لأن الرسول قد خرج عن عهدة التبليغ كمال الخروج، وما بقي بعد ذلك إلا العقاب وهذا تهديد شديد ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح أي إثم فيما طعموا من الخمر ومن مال اللعب بالملاهي إذا ما اتقوا أن يكون في ذلك الشيء من المحرمات أي إذا عملوا الاتقاء وآمنوا وعملوا الصالحات أي واستمروا على الإيمان والأعمال الصالحة ثم اتقوا ما حرم عليهم بعد ذلك وآمنوا بتحريمه ثم اتقوا أي استمروا على اتقاء المعاصي وأحسنوا أي اتجروا الأعمال الجميلة واشتغلوا بها والله يحب المحسنين (93) .
روي أنه لما نزلت آية تحريم الخمر قالت الصحابة: إن إخواننا كانوا قد شربوا الخمر يوم أحد ثم قتلوا فكيف حالهم؟ فنزلت هذه الآية.
وروى أبو بكر الأصم: أنه لما نزل تحريم الخمر قال أبو بكر: يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وقد شربوا الخمر وفعلوا القمار؟ وكيف بالغائبين عنا في البلدان لا يشعرون أن الله حرم الخمر وهم يطعمونها؟ فأنزل الله هذه الآيات. يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله أي ليختبرن الله طاعتكم من معصيتكم بشيء من الصيد أي من صيد البر تناله أيديكم ورماحكم.
صفحہ 292