239

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد

تحقیق کنندہ

محمد أمين الصناوي

ناشر

دار الكتب العلمية - بيروت

ایڈیشن نمبر

الأولى - 1417 هـ

اصناف

تفسیر

بالحق من ربكم

أي يا أهل مكة قد جاءكم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن أو متكلما بالدعوة إلى عبادة الله والإعراض عن غيره من عند ربكم فآمنوا خيرا لكم أي فآمنوا بالرسول يكن ذلك الإيمان خيرا لكم بما أنتم فيه أي يكن أحمد عاقبة من الكفر وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض أي وإن تكفروا بالرسول فإن الله غني عن إيمانكم، لا يتضرر بكفركم، ولا ينتفع بإيمانكم لأنه مالك السموات والأرض وخالقهما، ومن كان كذلك كان قادرا على إنزال العذاب الشديد عليكم لو كفرتم أو فمن كان كذلك فله عبيد يعبدونه وينقادون لأمره وحكمه، أو فمن كان كذلك لم يكن محتاجا إلى شيء وكان الله عليما لا يخفى عليه من أعمال عباده المؤمنين والكافرين شيء حكيما (170) لا يضيع عمل عامل منهم ولا يسوي بين المؤمن والكافر والمحسن والمسيء

يا أهل الكتاب أي الإنجيل من النصارى لا تغلوا في دينكم أي لا تبالغوا في تعظيم عيسى فإنه ليس بحق كما أن اليهود بالغوا في طعنه حيث قالوا: إنه ابن زانية وكلا طرفي قصدهم ذميم ولا تقولوا على الله إلا الحق أي لا تصفوه بما يستحيل اتصافه تعالى به من الاتحاد والحلول في بدن الإنسان أو روحه، واتخاذ الزوجة والولد بل نزهوه عن هذه الأحوال فإن نصارى أهل نجران أربعة أنواع:

ملكانية: وهم الذين قالوا: عيسى والرب شريكان.

ومرقوسية: وهم الذين قالوا: ثالث ثلاثة.

وماريعقوبية: وهم الذين قالوا: عيسى هو الله.

ونسطورية: وهم الذين قالوا: عيسى ابن الله، فأنزل الله فيهم هذه الآيات إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ف «المسيح» مبتدأ و «عيسى» بدل منه أو عطف بيان له و «ابن مريم» صفة له ورسول الله خبر المبتدأ وكلمته أي مكون بأمره من غير واسطة أب ولا نطفة ألقاها إلى مريم أي أوصل الكلمة إليها بنفخ جبريل وروح منه أي وروح صادر من أمر الله فصار ولدا بلا أب وقد جرت عادة الناس أنهم إذا وصفوا شيئا بغاية الطهارة والنظافة قالوا: إنه روح فلما كان عيسى لم يتكون من نطفة الأب وإنما تكون من نفخة جبريل وصف بأنه روح وقوله تعالى: منه متعلق بمحذوف وقع صفة ل «روح» . أي كائنة من عند الله وجعلت منه تعالى وإن كانت بنفخ جبريل لكون النفخ بأمره تعالى، و «من» ابتدائية لا كما زعمت النصارى من أنها تبعيضية.

حكي أن طبيبا حاذقا نصرانيا جاء للرشيد فناظر علي بن الحسين المروزي ذات يوم فقال له: إن في كتابهم ما يدل على أن عيسى جزء من الله وتلا هذه الآية. فقرأ المروزي وسخر لكم

صفحہ 244