Mara'at al-Mafatih Sharh Mishkat al-Masabih

Ubaidullah al-Rahmani al-Mubarakpuri d. 1414 AH
77

Mara'at al-Mafatih Sharh Mishkat al-Masabih

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

ناشر

إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء-الجامعة السلفية

ایڈیشن نمبر

الثالثة - ١٤٠٤ هـ

اشاعت کا سال

١٩٨٤ م

پبلشر کا مقام

بنارس الهند

اصناف

ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به في الدنيا ــ آكد ولأنه كان شائعًا فيهم، هو وأد البنات خوف لحوق عيب وعار، وقتل البنين خشية إملاق وإقتار، أو خصهم بالذكر لأنهم بصدد أن لا يدفعوا عن أنفسهم (ولا تأتون ببهتان) الباء للتعدية والبهتان - بالضم - الكذب الذي يبهت سامعه أي يدهشه لفظاعته (تفترونه) أي تخلقونه، صفة بهتان (بين أيديكم وأرجلكم) أصل هذا كان في بيعة النساء، وكنى بذلك عن نسبة المرأة الولد الذي تزني به أو تلتقطه إلى زوجها كذبًا؛ لأن بطنها الذي يحمله بين يديها وفرجها الذي تلد منه بين رجليها، ثم لما استعمل هذا اللفظ في بيعة الرجال احتيج إلى حمله على غير ما ورد فيه أولًا، فقيل معناه: لا تأتوا ببهتان من قبل أنفسكم ومن عند ذواتكم، فاليد والرجل كنايتان عن الذات؛ لأن معظم الأفعال يقع بهما، وقد يعاقب الرجل بجناية قولية، فيقال له: هذا بما كسبت يداك. أو معناه: لا تنسبوا مبنيًا على ظن فاسد وغش مبطن من ضمائركم وقلوبكم التي بين أيديكم وأرجلكم، فالأول كناية عن إلقاء البهتان من تلقاء أنفسهم، والثاني: عن إنشاء البهتان من دخيلة قلوبهم مبنيًا على الغش المبطن. وقيل معناه: لا تبهتوا الناس بالعيوب كفاحًا مواجهة، كما يقال: فعلت هذا بين يديك أي بحضرتك، وأراد هاهنا الأيدي، وذكر الأرجل تأكيدًا له (ولا تعصوا) بضم الصاد، وفي رواية للبخاري: «ولا تعصوني» وهو مطابق للآية، (في معروف) قال في النهاية: هو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله تعالى والإحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات – انتهى. ونبه بذلك على أن طاعة المخلوق إنما تجب فيما كان غير معصية لله، فهي جديرة بغاية التوقي في معصية الله (فمن وفى) أي ثبت على ما بايع عليه بتخفيف الفاء وتشديدها وهما بمعنى (فأجره على الله) قال الحافظ: أطلق هذا على سبيل التفخيم لأنه لما ذكر المبايعة المقتضية لوجود العوضين أثبت ذكر الأجر في موضع أحدهما، وأفصح في رواية الصنابحي عن عبادة في هذا الحديث في الصحيحين بتعيين العوض فقال: بالجنة، وعبر هنا بلفظ على للمبالغة في تحقيق وقوعه كالواجبات. فإن قيل: لم اقتصر على المنهيات ولم يذكر المأمورات؟ فالجواب: أنه لم يهملها بل ذكرها على طريق الإجمال في قوله «ولا تعصوا»، إذ العصيان مخالفة الأمر، والحكمة في التنصيص على كثير من المنهيات دون المأمورات أن الكف أيسر من إنشاء الفعل؛ لأن اجتناب المفاسد مقدم على اجتلاب المصالح والتخلي عن الرذائل قبل التحلي بالفضائل، وترك سائر المنهيات لزيادة الاهتمام بالمذكورات، وفيه رد على المرجئة الذين يقولون بأن التصديق وحده كافٍ للنجاة، وأنه لا تضر المعصية مع الإيمان. (ومن أصاب من ذلك) أي من المذكور (فعوقب به) هو أعم من أن تكون العقوبة حدًا أو تعزيرًا، واختلفوا في أنه يعم العقوبات الشرعية ويشمل العقوبات القدرية كالمصائب والآلام والأسقام وغيرها أم لا؟ فقيل: نعم، كما في الحديث: «لا يصيب المسلم نصب ولا هم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها الرجل إلا كفر الله بها من خطاياه»، وقيل: لا، لحديث

1 / 76