ولكنها صحيحة لأنك تمضين حياتك محبوسة بين أربعة جدران في البيت، ولو قدر لنا نحن الرجال أن نحبس كذلك لكنا في هذه الحال التي تتهمين أنت بها.
ذلك أن الذكاء والشجاعة والسخاء والتبصر والاختراع والاكتشاف، كل هذه الأشياء، هي بعض النشاط الاجتماعي الذي يدعونا إليه المجتمع ويبعث فينا، حين نختلط به ونتفاعل معه، تلك العواطف التي تحثنا على النشاط الذهني أو الجسمي.
لماذا يكبر ذكاؤك إذا كان البيت لا تحتاج واجباته إلا إلى مقدار صغير منه؟ هل الطبخ يحتاج إلى ذكاء كبير؟ هل غسل الملابس يحتاج إلى ذكاء عظيم؟
لماذا تكونين عبقرية؟ هل إدارة البيت تحتاج إلى ذهن عبقري؟
لماذا تحسين المسئوليات الاجتماعية في البر والسخاء والتبصر؟ هل البيت يحتاج إلى كل هذه الصفات؟
إننا، نحن الرجال، لاختلاطنا بالمجتمع، نرسم «تصميم» حياتنا قبل أن نبلغ العشرين؛ وذلك لأن المجتمع يوسع لنا في الطموح. فقد يهدف أحدنا في هذه السن أو قبلها إلى أن يكون وزيرا أو سفيرا أو طبيبا أو معلما أو فيلسوفا أو مهندسا أو عالما أو تاجرا؛ وعندئذ يجد في هذا الهدف وسيلة إلى النشاط الذهني أو العاطفي تحمله إلى غايته فيبلغها، ويجد فيها الرابطة التي تربطه بالمجتمع وتحرك ذكاءه.
ولكن أنت لا تهدفين إلى مثل هذا الهدف لأن المجتمع يفصلك، وكأنه ينبذك؛ وعندئذ لا تجدين العاطفة التي تحثك على النشاط، أي لا تجدين الوسائل لتدريب ذكائك وشجاعتك وسخائك وبصيرتك.
أنت معطلة الذهن لأنك لا تهدفين إلى الأهداف الاجتماعية العظيمة التي يهدف إليها الرجل. ونتيجة ذلك أنه يدرب ذهنه فيكون ذكيا بل عبقريا. أما أنت فلا تدربين ذهنك بل تعطلينه.
إنما يتربى الذكاء والفهم والعبقرية بالاشتباكات الاجتماعية، ومصادمة المشكلات في المجتمع ومحاولة حلها. ولا ذكاء ولا عبقرية ولا فهم لإنسان ينفصل من المجتمع.
أنت، أيتها المرأة المصرية، مفصولة من المجتمع؛ ولذلك لا يجد ذكاؤك التدريب الذي يحتاج إليه، فيتبلد.
نامعلوم صفحہ