إن هذا القاضي ليس شاذا في حكمه؛ وإنما هو يحيا في مجتمع مصري اعتاد احتقار المرأة، وأنها لا تتساوى مع الرجل في أي حق اجتماعي أو اقتصادي. وما دام الرجل والمرأة يتساويان في الحرفة خارج البيت فإن الرجل يجب أن يفضل عليها في تربية الأطفال.
وتنساق هذه القاعدة في كل شأن آخر يتعلق بالجنسين.
فهي في المصنع، تؤدي عمل الرجل، ولا تنال أجر الرجل. وهي في العائلة، حين يرسل الأبناء والبنات إلى المدرسة، لا ينفق على تعليمها كما ينفق على الأبناء.
وهي حين ترتكب جريمة الزنا يقتلها أخوها أو أبوها أو زوجها. وإذا بقيت حية ولم يقتلها أحد هؤلاء فإن المحكمة تحكم عليها بالسجن سنتين. أما الزوج فحين ارتكابه لجريمة الزنا يستطيع أن ينجو من العقوبة ما دام ارتكابه لها بعيدا عن بيته. ثم هو قد لا يجد من الرجال غير الإعجاب برجولته.
شذوذ قهري
كتب إلي شاب في سن السابعة عشرة يقول إنه عندما يرى صورة فتى في سنه أو أصغر منه، أو عندما يقابل أحدا في هذه السن، يحس برعشة تزلزل جسمه حتى يكاد يغمى عليه.
وإنه يتخيل عن هذه الصورة أو هذا الشخص اللذين يلقاهما خيالات متعاقبة لها قوة جبرية؛ إذ لا يستطيع التخلص منها. وهي خيالات الإعجاب العظيم حين يكون هناك مكان لهذا الإعجاب. وهو يقول بالحرف الواحد:
ومهما يكن من شيء فإني أشعر بهذا الميل كذلك عندما أكون سائرا في طريق أو عندما أقابل أحد أصدقائي بصحبة شاب أو شبان معه، أو عندما أكون في مجلس من مجالس الحديث أو في اجتماع من الاجتماعات فيقع نظري على هؤلاء الشبان ... فما أشعر؟ أشعر بهذه القوة التي تصعد من نفسي في حرارة والتهاب . وماذا أجد؟ أجد ذلك الميل القوي العنيف وما تبعه من انفعالات حادة ... إلى هنا لم أدر من أمري شيئا. نفس الدافع المجهول ونفس الشيء الغامض اللذين أحس بهما عندما تقع عيناي على صورة. وإلى هنا لم يصور الخيال شيئا من تلك الصور الرائعة أحيانا، والمروعة أحيانا أخرى، والمترددة بين ذلك، في بعض الأحيان. ثم ماذا؟
إن قلبي يدق دقا عنيفا ويضطرب اضطرابا شديدا، كل ذلك مثل ومضات البرق المتلاحقة التي لا تكاد تظهر حتى تختفي ولا تكاد تختفي حتى تظهر ...
هذه عبارات قليلة من ثماني صفحات كتبها هذا الفتى الذي لم يكد يتجاوز المراهقة. وهي تدل أفصح الدلالة على أن هذا الشاب يسير في طريقه إلى الشذوذ الجنسي.
نامعلوم صفحہ