بقتله بأرض كربلاء ممنوعا عن الورود؟.
وفيما قال لها : «إني أعلم اليوم الذي اقتل فيه ، والساعة التي اقتل فيها ، وأعلم من يقتل من أهل بيتي وأصحابي. أتظنين أنك علمت ما لم أعلمه؟ وهل من الموت بد! فإن لم أذهب اليوم ذهبت غدا».
وقال لأخيه عمر الأطرف : «إن أبي أخبرني بأن تربتي تكون إلى جنب تربته ، أتظن أنك تعلم ما لم أعلمه؟». وقال لأخيه محمد بن الحنفية : «شاء الله أن يراني قتيلا ، ويرى النساء سبايا».
وقال لابن الزبير : «لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لا ستخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم». وقال لعبد الله بن جعفر : «إني رأيت رسول الله في المنام ، وأمرني بأمر أنا ماض له». وفي بطن العقبة قال لمن معه : «ما أراني إلا مقتولا ، فإني رأيت في المنام كلابا تنهشني ، وأشدها علي كلب أبقع». ولما أشار عليه عمرو بن لوذان بالإنصراف عن الكوفة إلى أن ينظر ما يكون عليه حال الناس ، قال (ع): «ليس يخفى علي الرأي ، ولكن لا يغلب على أمر الله. وإنهم لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي».
إلى غير ذلك من تصريحاته وتلويحاته في المدينة ومكة والطريق إلى الكوفة كما ستقرؤها بتمامها فإنها شاهدة على أنه (عليه السلام) كان على علم ويقين بأنه مقتول في اليوم الموعود به بأرض كربلاء. ثم هل يتردد أحد في هذا وهو يقرأ خطبته بمكة حين أراد السفر منها إلى العراق ، التي يقول فيها : «كأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا ، فيملأن مني أكراشا جوفا ، وأجربة سغبا ، لا محيص عن يوم خط بالقلم»؟. فدلت هذه الأجوبة من الحسين (ع) لمن طلب منه التريث في السفر أو الذهاب في أرض الله العريضة على وقوف سيد الشهداء على أمره ، ولم تخف عليه نوايا الكوفيين. ولكنه سر إلهي تعلق به خاصة ؛ ولأجل إلقاء الحجة على هذا الخلق المتعوس كانت استغاثاته وانتصاراته يوم الطف قبل نشوب الحرب وبعده.
وإنما لم يصارح بما عنده من العلم لكل من رغب في إعراضه عن السفر إلى
صفحہ 65