( لا تخطه بيمينك ) لا تنفي معرفته بالكتابة على اطوارها ، فإنها غاية ما تثبته عدم كتابته (ص)، ولا ربط لها بعدم المعرفة للكتابة ، فهو صلى الله عليه وآله عارف بالكتابة ولكنه لم يكتب ، والعلة في نفي كتابته ؛ ارتياب المبطلين كما صرح به القرآن.
والمتحصل مما قررناه : إن الله عز وجل منح الائمة من ذرية الرسول (ص) جميع ما حبا به جدهم الاقدس ، من المآثر والفضائل عدا النبوة والازواج ؛ لأنه صلوات الله عليه وعلى آله خاتم الأنبياء ، وقد اختص في التزويج دائما بأكثر من أربعة.
ومن لم يعرف المراد من علم الغيب المدعى لهؤلاء الأفذاذ ، استعظمه فأنكره. وحكم من لا يفقه الشرع والشريعة بكفر معتقده!. حدث الشيخ زاده الحنفي : أن قاسم الصفار أفتى بكفر من تزوج على شهادة الله تعالى ورسول الله (ص)، مدعيا بأنه يقتضي اعتقاده في علم النبي بالغيب! ولكن صاحب التتارخانية نفى الكفر عنه ؛ لأن بعض الاشياء تعرض على روح النبي (ص) الطاهرة فيعرف بعض الغيب ، وقد قال الله تعالى : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول ) (1)، وكلاهما لم يفقها معنى الغيب المراد اثباته ، ولا ادركا كنه خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله ، فقالا بما شاء لهما إداركهما.
وبعد أن أوضحنا المراد منه ، لم يبق للقارئ النابه مجال التردد والتشكيك. نعم ، لا ينكر أن للباري سبحانه علما استأثر به خاصة ، ولم يطلع عليه أحدا ومنه العلم بالساعة.
وبه صرح الشهاب الخفاجي في شرح الشفا 2 / 398 في فصل اسمائه من الباب الثالث ، وفي ص 514 فصل إعجازه ، وفي روح المعاني للالوسي 21 / 4 عند قوله : (ولا تخطه بيمينك)، ذكر جماعة قالوا بمعرفته الكتابة ثم نقل عن صحيح البخاري : انه (ص) كتب عهد الصلح. وحمل الاستاذ عبد العظيم الزرقاني في مناهل العرفان / 260 الاخبار النافية على أوليات امره ، والمثبتة للكتابة على اخريات امره ، وفي تهذيب تاريخ ابن عساكر 6 / 249 كتب أبو الوليد الباجي رسالة في كتابة النبي (ص)، وانتصر له أحمد بن محمد اللخمي وسجعفر بن عبد الجبار مع جماعة آخرين.
صفحہ 50