بنو امية يمعنون في سجل ضلالتهم حتى يهريقوا الدم الحرام في الشهر الحرام ، ولكأني أنظر إلى غرنوقا من قريش يتشحط في دمه ، فإذا فعلوا ذلك ، لم يبق لهم في الأرض عاذر ، ولم يبق ملك لهم» (1).
ومر سلمان الفارسي بكربلاء حين مجيئه إلى المدائن ، فقال : هذه مصارع إخواني ، وهذا موضع مناخهم ، ومهراق دمائهم. يقتل بها ابن خير الأولين والآخرين (2). ومر عيسى بن مريم (ع) بأرض كربلاء ، فرأى ظباء ترعى هناك ، فكلمته بأنها ترعى هنا ؛ شوقا إلى تربة الفرخ المبارك ، فرخ الرسول أحمد (ص)، وأنها آمنة في هذه الأرض. ثم أخذ المسيح (ع) من أبعارها وشمه ، وقال : «اللهم ، أبقه حتى يشمها أبوه ، فتكون له عزاء وسلوة». فبقيت الأبعار إلى مجيء أمير المؤمنين (ع) بكربلاء ، وقد اصفرت ؛ لطول المدة. فأخذها وشمها وبكى ، ثم دفعها إلى ابن عباس ، وقال : «إحتفظ بها ، فاذا رأيتها تفور دما ، فاعلم إن الحسين قد قتل». وفي يوم عاشوراء بعد الظهر رآها تفور دما (3).
* الإقدام على القتل
** تمهيد
من الضروري احتياج المجتمع البشري إلى مصلح يسد خلته ، ويسدد زلته ، ويكمل اعوازه ، ويقوم إوده لتوفر دواعي الفساد فيه. فلو لم يكن في الامة من يكبح جماح النفوس الشريرة ؛ للعبت الأهواء بهم ، وفرقتهم أيدي سبا ، وبات حميم لا يأمن حميه ، وأصبحت أفراد البشر ضحايا المطامع.
وهذا المصلح يختاره المولى سبحانه من بين عباده ؛ لأنه العارف بطهارة النفوس ونزاهتها عما لا يرضى به رب العالمين. ويكون الواجب ، عصمته مما في العباد من الرذائل والسجايا الذميمة حتى لا يشاركهم فيها ، فيزداد الطين بلة ، ويفوته التعريف والإرشاد إلى مناهج الاصلاح ومساقط الهلكة!.
وقد برأ الله تعالى ذات النبي الأعظم (ص) من نور قدسه ، وحباه بأكمل الصفات الحميدة حتى بذ العالم ، وفاق من في الوجود ، فكان محلا
صفحہ 44