35

Maqowamat al-Da'iyah al-Najeh fi Dhaw' al-Kitab wa al-Sunnah

مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة

ناشر

مطبعة سفير

پبلشر کا مقام

الرياض

اصناف

المبحث الثالث: أنواع الحكمة
الحكمة نوعان:
النوع الأول: حكمة علمية نظرية، وهي الاطِّلاع على بواطن الأشياء، ومعرفة ارتباط الأسباب بمسبباتها، خلقًا وأمرًا، وقدرًا وشرعًا.
النوع الثاني: حكمة عملية، وهي وضع الشيء في موضعه (١).
فالحكمة النظرية مرجعها إلى العلم والإدراك، والحكمة العملية مرجعها إلى فعل العدل والصواب، ولا يمكن خروج الحكمة عن هذين المعنيين؛ لأن كمال الإنسان في أمرين: أن يعرف الحق لذاته، وأن يعمل به، وهذا هو العلم النافع والعمل الصالح.
وقد أعطى الله ﷿ أنبياءه ورسله ومن شاء من عباده الصالحين هذين النوعين، قال تعالى عن إبراهيم ﷺ: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا﴾، وهو الحكمة النظرية، ﴿وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ (٢)، وهو الحكمة العملية.
وقال تعالى لموسى ﷺ: ﴿إِنَّنِي أَنَا الله لا إِلَهَ إِلا أَنَا﴾، وهو الحكمة النظرية، ﴿فَاعْبُدْنِي﴾ (٣)، وهو الحكمة العملية.
وقال عن عيسى ﷺ: ﴿إِنِّي عَبْدُ الله آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾، وهو الحكمة النظرية، ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ (٤)، وهو

(١) انظر: مدارج السالكين لابن القيم، ٢/ ٤٧٨.
(٢) سورة الشعراء، الآية: ٨٣.
(٣) سورة طه، الآية: ١٤.
(٤) سورة مريم، الآيتان: ٣٠ - ٣١.

1 / 38