الصورة السادسة: مع زعيم المنافقين
قدم النبي ﷺ المدينة، وقد أجمع الأوس والخزرج على تمليك عبد الله بن أُبيّ، ولم يختلف عليه في شرفه اثنان، ولم تجتمع الأوس والخزرج قبله ولا بعده على رجل من أحد الفريقين، وكانوا قد نظموا له الخرز، ليُتَوِّجوه ثم يملِّكوه عليهم، فجاءهم الله - تعالى - برسول الله ﷺ وهم على ذلك، فلما انصرف قومه عنه إلى الإسلام امتلأ قلبه حقدًا وعداوة وبغضًا، ورأى أن رسول الله ﷺ قد استلبه ملكه، فلما رأى قومه أبوا إلا الإسلام، دخل فيه كارهًا مُصرًّا على النفاق والحقد والعداوة (١)، ولم يألُ جهدًا في الصدّ عن الإسلام، وتفريق جماعة المسلمين، والذبّ عن اليهود ومساعدتهم.
وقد ظهرت مواقفه الخبيثة في معاداته لدعوة الإسلام، ولكن عن طريق التستر والنفاق، وقد كان النبيُّ ﷺ يقابل عداوته بالعفو والصفح والحلم؛ لأنه يُظهر الإسلام؛ ولأن له أعوانًا من المنافقين، هو رئيسهم وهم تبع له، فكان ﷺ يحسن إليه بالمقال والفعل، ويقابل إساءته بالعفو والإحسان في عدة مواقف، منها على سبيل المثال ما يأتي:
١ - شفاعته لليهود - بنو قينقاع - عندما نقضوا العهد:
نقض بنو قينقاع العهد بعد بدر بكشف عورة امرأة من المسلمين في السوق، وبقتل رجل نصرها من المسلمين (٢)، فسار إليهم رسول الله ﷺ