وعلى معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم. وأفضل العلوم العلم بالله تعالى، وأجل الأشياء هو الله تعالى، والله سبحانه لا يعرفه كنه معرفته غيره، وجلالة العلم بقدر جلالة المعلوم، فهو الحكيم حقا؛ لعلمه بأجل الأشياء بأجل علم.
والمراد بالحكمة في هذا المقام المعنى الثاني وإن دخلت في العدل، ومن ثم سمي الباب الباحث عن ذلك في الكلام بباب العدل، وهي بالمعني الأول داخلة في العلم، وبالمعني الأخير علم خاص قوي.
ويترتب على وجوب اعتقاد كونه تعالى عدلا أنه لا يفعل القبيح ولا يرضى به، فما يصدر منا من القبائح مستند (1) إلى قدرتنا واختيارنا وإن كانت القدرة من فعل الله تعالى، فإن فاعل الآلة ليس فاعلا لما يصدر بواسطتها من القتل والضرب، والله منزه عن ذلك.
ويتفرع على عدم إخلاله بالواجب أو عليهما معا تكليف المكلفين، وأثابه المطيعين، وإرسال المرسلين، وإنزال الكتب مبشرين ومنذرين.
الثامن: لا ريب في اعتبار تقديم التصديق بنبوة النبي (صلى الله عليه وآله) أمام الصلاة
، بل هو شرط الإسلام، ولكن القدر الواجب منه هل هو مجرد اعتقاد نبوته (صلى الله عليه وآله)، كما هو ظاهر العبارة، أم لا بد مع ذلك من اعتقاد عصمته وطهارته وختمه للأنبياء، ونحو ذلك مما يتفرع على النبوة من الأحكام ويلزمها من الشرائط؟
ليس ببعيد الاكتفاء بالأول.
أما في الإسلام فظاهر؛ لقوله (صلى الله عليه وآله): «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله وإني رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها» (2)، ولأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يكتفي من الأعراب وطالب الإسلام بذلك.
وأما في الصلاة فلما ذكر، وقد كانوا يصلون بعد ذلك ولم يأمرهم بإعادتها،
صفحہ 43