والذي يناسب هذا القول اختصاص صحة الغسل بالصلاة الأولى كالوضوء.
ولقائل أن يقول: أحد الأمرين لازم، وهو إما إيجاب إعادة الغسل هنا لكل صلاة، أو إيجاب الوضوء خاصة، أما إيجابهما معا فلا. وإنما كان كذلك؛ لأن الغسل- والحال هذه- إن بطل بالحدث المتخلل فاللازم إعادته لا غير ودخول الوضوء فيه، واغتفار ما يتجدد من الحدث بعد ذلك كما يغتفر في الوضوء، وحينئذ فيجب الغسل لكل صلاة.
وأما أن يغتفر هذا الحدث بالنسبة إلى الغسل، ويحكم بوجوب الوضوء له، فلا وجه حينئذ لإعادة الغسل؛ لأن الموجب لإعادته إنما هو الحذر من الجمع بينه وبين الوضوء، بناء على أن غسل الجنابة لا وضوء معه، فإذا حكم بوجوب الوضوء زال المحذور، فصح الغسل بالنسبة إلى الحدث الأكبر، وعمل الأصغر عمله، فيجب الوضوء لكل صلاة خاصة.
وحينئذ فاحتمال وجوب الوضوء والغسل لكل صلاة لا وجه له على القول بإبطال الحدث الأصغر الغسل في حالة الاختيار، وعلى القول بعدم تأثيره لا إشكال في عدم الوضوء بالنسبة إلى الحدث الواقع في أثناء الغسل.
أما الواقع بعده وقبل الصلاة فيحتمل أيضا أن يغتفر؛ لأن غسل الجنابة منزل منزلة الوضوء وزيادة بالنسبة إلى الحدث الأصغر.
وكما يكتفي بوضوء واحد لكل صلاة، فكذا ما قام مقامه، وحينئذ فيكفي الغسل للصلاة الاولى، ثم يتوضأ لكل صلاة من الباقيات. ويحتمل أن يجب الوضوء بعد الغسل للصلاة الأولى؛ لأن الأصل في الحدث الأصغر أن يوجب الوضوء، لكن تخلف ذلك في الواقع في أثناء غسل الجنابة وقبله؛ لدخوله في الأكبر أو سقوط أثره معه، فيبقى الباقي- وهو المتأخر- على الأصل، فيجب الوضوء لكل صلاة مضافا إلى الغسل أولا خاصة.
وأما على القول الثالث- وهو أن الحدث الأصغر الواقع في أثناء الغسل يوجب الوضوء بعده لا غير- يجب هنا الوضوء بعده للواقع حالته وبعده، سواء دام أم لم يدم.
صفحہ 114