مقالات العلامة الدکتر محمود محمد الطناحی
مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي
ناشر
دار البشائر الإسلامية بيروت
ایڈیشن نمبر
الأولى
اصناف
زمن ابن خالويه والأزمان التي سبقته والتي جاءت بعده أن يتصدى العلماء لإعراب القرآن الكريم كله، ولكن الذي صنعه ابن خالويه شيء عجب: لقد وضع كتابه لإعراب ثلاثين سورة فقط، مبتدئًا بسورة الطارق، ومنتهيًا بسورة الناس، ثم افتتح كتابه هذا بإعراب الاستعاذة والبسملة، وفاتحة الكتاب ... ولا تفسير لصنيع ابن خالويه هذا وإيثاره لإعراب قصار السور هذه إلا أنه وضع الناشئة أمامه، لأن هذه السور من أوائل ما يحفظه الصبيان من الكتاب العزيز، وأنها كثيرة الدوران على ألسنتهم، وأن عرض قواعد النحو والصرف من خلال هذه السور القصار مما يثبتها ويمكنها في النفوس.
فتعليم النحو من خلال هذه الكتب القديمة الموجزة فيه تثبيت للعربية وتمكين لها في النفوس، مع التقاط معارف أخرى تأتي من خلال الشواهد والنصوص، وينبغي أن نحسن الظن بناشئتنا ولا نخشى عليهم من التعامل مع الكتاب القديم فإن فيهم خيرًا كثيرًا ... ولقد كانت لي تجربة جيدة هذا العام، حين دعيت إلى تدريس النحو لطالبات السنة الأولى بكلية البنات بجامعة عين شمس، وقد قرأت معهن شيئًا من كتاب شذور الذهب على خوف مني ووجل، لكني صبرت نفسي معهن واحتشدت لهن احتشادًا، وكانت تجربة ناجحة جدًا، وتلقت الطالبات كلام ابن هشام بقبول حسن، وقد رأيت من هؤلاء الطالبات نماذج مبشرة بخير كثير.
والغريب حقًا أن زملاءنا الأكرمين بالجامعات المصرية ينفرون من تدريس الكتاب القديم، وحين يخرجون إلى جامعات دول الخليج يحملون حملًا على تدريسه، وهناك يؤدونه بكفاءة عالية جدًا، لأنهم بلا ريب أهل فقه وبصيرة، ولأنهم أيضًا ينتمون إلى جيل المتون الذي سأحدثك عنه.
جيل المتون:
على أن أخطر ما في هذه القضية أن يقترن تعليم النحو من خلال المذكرات والمختصرات بالطعن على أئمة النحاة والإزراء بتصانيفهم وغياب المنهجية في تآليفهم ومحاكمتهم إلى مناهج غربية ظهرت بعدهم بقرون.
1 / 140