٣ وقد رأيت أنه يحسن أن أبتدئ فى هذا الموضع بالمعنى الذى أقصد إليه إذ كان قد بان من أمر أجزاء هذه الصناعة التى هى أقل أجزائها كيف الحال فى طبيعتها وأن أتقدم فألخص تلخيصا بينا أى الأجزاء هى التى ينبغى أن تسمى أقل الأجزاء بعد أن أضع لقولى مثالا ليس من شىء خارج عن الغرض الذى قصدت إليه لكن من شىء نافع فيه ومنفعته ليس بدون منفعة غيره فأقول أنه كما نقصد فى التشريح فى أجزاء البدن أن نبلغ أقصى ما يوجد منها فى القلة فى الصورة وهى التى نسميها الأركان المحسوسة فنفهمها ونقف على حقائقها كذلك ينبغى أن نروم وجود أجزاء الطب كله حتى نبلغ أقل قليل أجزائه فأقول ان أجزاء بدن الإنسان التى هى أعظم أجزائه هى الرأس والصدر والبطن واليدان — قال حنين اليد يعنى بها كل ما هو من دون المنكب من العضد والساعد والكف — والرجلان — قال حنين الرجل يعنى بها كل ما هو من دون الورك من الفخذ والساق والقدم — وأجزاء كل واحد من هذه أيضا أما أجزاء الرأس فالجزء الذى يخص بهذا الاسم أعنى الرأس والأذنان والوجه والرقبة وأما الجزء الذى يخص باسم الرأس وهو الجزء الذى الشعر فيه نابت من جملة الرأس فأجزاؤه الموجودة فى القسمة الأول الدماغ والأمان المحيطان به وقحف الرأس والعروق الضوارب وغير الضوارب والأغشية والأعصاب والجلد ولكل واحد من هذه الأجزاء أجزاء أخر أكثر منها وسنتكلم فى جميعها فى كتاب علاج التشريح فأما فى هذا المذهب الذى نحن فيه فقد يكتفى أن نقصد إلى واحد منها دون غيره أى واحد كان فيتبين فيه قسمة البدن حتى ننتهى إلى الأركان المحسوسة فأقول ان العرق الضارب فى نفسه هو ذو طبقتين وإنما قلت فى نفسه من قبل أنى قد بينت فى غير هذا الموضع أنه ربما لحقه بسبب من الأسباب يعرض له أن يوجد إما ذو ثلث طبقات وإما ذو أربع طبقات وإحدى هاتين الطبقتين مؤلفة من شظايا تمتد عرضا والطبقة الأخرى مؤلفة من شظايا تمتد على الاستقامة طولا وليس تقدر أن تقسم هذه الشظايا إلى صورة أخرى بل هذا هو الجزء الذى لا يحتمل القسمة وهو أصغر الأجزاء فى الصورة ومن عادتنا أن نسمى الأجزاء من البدن الموكلة بفعل واحد من الأفعال إما ضرورى لبدن الحى بأسره وإما نافع له آلات وأما الأجزاء التى هى أكبر من هذه فنسميها أجزاء فقط كما نسمى الرأس بأسره وأما الأجزاء التى هى أصغر من تلك وهى متشابهة الأجزاء غير منقسمة فى الصورة فليس نقتصر على أن نسميها أجزاء فقط لكن نسميها أيضا الأركان المحسوسة من البدن والأركان المحسوسة هى الشظايا من كل واحدة من الآلات وغيرها من أشياء سأذكرها بعد فإن الشريانات والأعصاب والعروق والأمعاء والمعدة والرحم والمثانة كلها على مثال واحد مركبة أبدانها أعنى أجرامها من شظايا ومن أركان البدن المحسوسة معما ذكرت من الشظايا الأغشية أيضا والرباطات وهى العصب واللحم أعنى اللحم البسيط المفرد واللحم الخاص بكل واحد من الأحشاء الذى لقبه قوم بالحشو ومع تلك الأجزاء أيضا العظام والغضاريف والسمين وسائر ما هو على هذا المثال فبالواجب يسمى المسمى هذه أركانا محسوسة لأبداننا وأما الجنس الآخر من الأجزاء الذى هو آلى فما بأس بذكر هذا أيضا فهو العروق الضوارب وغير الضوارب والأعصاب والكلى والمعدة والطحال والكبد والرئة والقلب وما كان من غير ذلك على هذا المثال
[chapter 4]
صفحہ 32