152

Maqalat fi Kalimat

مقالات في كلمات

ناشر

دار المنارة للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

پبلشر کا مقام

جدة - المملكة العربية السعودية

اصناف

نريد شبابًا أعزّة
رأيت جنازة أمامها تلاميذ صغار، بعضهم يحمل أكاليل الزهر وبعضهم يقرع طبولًا معلقة بالأعناق، كل واحد منها أكبر من حاملها، أو ينفخ في أبواق ضخمة يعجز الرجل القوي عن النفخ فيها إلا أن يبذل جهده ويرهق نفسه ويهلك رئته، فسألت، فإذا هؤلاء تلاميذ مدرسة خيرية، وإذا هم أيتام تخرجهم المدرسة كلما مات ميت، وتنزع عنهم أسمالهم البالية لتلبسهم هذا الألبسة، وتجمع من ورائهم المال لمشروعها الخيري.
فتألمت -والله- لحالهم، وعجبت كيف يكون الشر سبيلًا إلى الخير، وكيف ينقلب الإصلاح إلى فساد، وكيف نعبث بجلال الموت بهذه الألاعيب: بالآس والزهر والطبل والزمر، وروعةُ الموكب في الصمت، وجلالُ الموت (كما قال شوقي) بالموت.
إن البر باليتامى أن نمسح عن قلوبهم أثر الأحزان، وننسيهم آلام اليتم ومذلة فقد الأب، وننشئهم على العزة والمسرة والكرامة والأمل، لا أن نريهم دائمًا صور المآتم وأشباح الجنائز؛ فنذكرهم بمصابهم ويتمهم، وأن نكسر نفوسهم ونجعلهم (كلاليب جنازة ...) وأن نفهمهم أن هذا هو عملهم الأول وأن الدرس عمل ثان؛ لذلك نعطل الدروس إن جاءت الجنازة، ونعلمهم الرياء؛ فنلبسهم هذه الحلل يوم الخروج ليحسب الناس أن هذا هو لباسهم،

1 / 155