وإن نأى منزل بي كان لي بدل
وإن تغير لي عن وده رجل
أصفى المودة لي من بعده رجل
لم يقطع الله لي من صاحب أملا
إلا تجدد لي من صاحب أمل
فدنا منهم بلا خوف ولا وجل، وقال لهم: اقتفوا أثري على عجل؛ لتحظوا بالمال الجزيل، بعد قتل رجل جليل، تركته في البيداء مع خادم جبان، وسبعة من الجمال وبغلة وحصان. فطاروا إليه معه، طمعا في الاكتساب والسعة، وكان الليل قد أقبل بغياهبه، والنهار تحول بكواكبه، عن تنوير مشارقه ومغاربه، وقد نزل السياح مع خادمه على رأس الدرب؛ للراحة من التعب وعبادة الرب، فقبل استراحته هجموا عليه، وزعموا أنهم وصلوا إليه، فلم يأخذه منهم فزع، ولا خوف ولا جزع؛ لأنه كان فارس الأرض في طولها والعرض، بل ثار عليهم ثورة الأسد، ووقف لهم كالسد في الطريق الأسد، فقرب منه الأول، وهو على قتله قد عول، فلاقاه بدون اكتراث ولا وجل، وضربه بالسيف على رأسه فكاد يصرم منه الأجل، ففر هاربا من بين يديه، ولو ثبت أمامه لقضى عليه، ثم عطف على الثاني، بلا مهل ولا تواني، ووكزه برمحه في أحشاه، فتبددت أمعاه، ومال إلى الثالث كأبي الحارث (كنية السبع) وطعنه في إحدى عينيه بالعسال، فتركه عبرة للأمثال، وأراد الخائن أن يلفت العنان، وينفلت من قبضة الهوان، فلم يدعه الخادم دون أن حمل عليه، وقبض بيديه على إحدى رجليه، وأدركه مولاه، فألقاه على قفاه، وربط أطرافه بعمامته، وتمكن منه الخادم فأفرط في صفعه وملامته، واستأذن سيده في جذ رأسه، واستئصال شأفته وخلع أضراسه.
الشر مصراع له سطوة
تستنزل الجبار من عرشه
وأنت إن لم ترج أو تتق
كالميت محمول على نعشه
نامعلوم صفحہ