أومأ الرجل الطويل برأسه، لكنه بدا كما لو كان ما زال لديه شيء ليسأل عنه والتر. رفعت نيتي يدها لأعلى ووضعتها على فمه. «وسوف أقول لكم وأقسم بحياتي إن ويل لم يكن ليكذب ولو لمرة واحدة؛ فقد كان في أيام شبابه يذهب إلى الكنيسة التي يعظ بها توماس بوستون، الذي زرع مخافة الرب مثل السكين في قلب كل رجل وامرأة حتى يوم مماتهم. لا، أبدا. لم يكن ليكذب أبدا.» •••
قال الرجل الطويل، في هدوء وقد تأكد أن القصة قد انتهت: «أكان كل ذلك هراء؟ حسنا، إنني أميل لموافقتك الرأي. لك طريقة تفكير مستنيرة، أليس كذلك؟»
أجاب والتر بالإيجاب، كان تفكيره هكذا، وكان يتحدث بطريقة أكثر جرأة وعنادا من ذي قبل. لقد سمع تلك الحكايات التي كان يتحدث عنها أبوه، وما شابهها من حكايات على مدار حياته كلها، لكن الغريب أنه لم يسمع هذه الحكايات من والده مباشرة حتى اعتلوا متن هذه السفينة. وكان على يقين من أن والده، الذي كان يعهده إلى وقت قريب، لم يكن ليؤمن بالخرافات الموجودة بتلك الحكايات.
اعتاد أبوه أن يقول: «ما أفظع هذا المكان الذي نعيش فيه! فلا تجد عن هؤلاء الناس إلا الهراء والعادات السيئة، وحتى صوف الأغنام الذي نملكه لا نستطيع أن نبيعه لرداءته. والطرقات من سوئها لا يستطيع أي حصان أن يقطع عليها أكثر من أربعة أميال في الساعة. والناس هنا يستخدمون المجرفة أو المحراث الاسكتلندي القديم في حرث الأرض، وإن كان يوجد محراث أفضل مستخدم في أماكن أخرى منذ خمسين عاما. وإذا سألتهم عن السبب في ذلك، قالوا: حسنا، لكن الأرض شديدة الانحدار ها هنا، وصعبة الحرث.»
وقال أيضا: «أن يولد المرء في إتريك معناه أن يولد في مكان متخلف، حيث يؤمن جميع الناس بالحكايات القديمة ورؤية الأشباح، وأقول لك إن من اللعنة أن يولد المرء في إتريك.»
وأغلب الظن أن هذا ما قاده للهجرة إلى أمريكا؛ حيث اجتمعت كل مزايا الاختراعات الحديثة ليستفيد منها الناس الذين لا يتوقفون عن تحسين الحياة من حولهم.
لكن استمع إليه الآن.
قالت نيتي: «أنا لا أعتقد أن ما رآه كان من الجن.»
رد أبوها: «إذن هل تعتقدين أنهم كانوا يجاورونه طوال الوقت؟ هل تعتقدين أنهم كانوا يخدعونه؟»
لم يسمع والتر من قبل أبا يتحدث إلى ولده بمثل هذا التساهل. ورغم إعجابه بنيتي، لم يستطع أن يستحسن ذلك؛ إذ يمكن أن يجعلها هذا تؤمن بأنه لا توجد على وجه الأرض آراء تستحق أن يصغى إليها سوى آرائها.
نامعلوم صفحہ