ثم نأتي إلى أندرو نفسه، الذي منذ اليوم الذي كان فيه على الصخرة أحس تجاه أبيه بشعور عميق وغريب من المسئولية، وهو شعور أقرب ما يكون إلى الشعور بالأسى والحزن.
لكن حينها شعر أندرو بالمسئولية تجاه كل أفراد عائلته؛ تجاه زوجته الصغيرة السن العصبية في معظم الأوقات التي جعلها عرضة للخطر مرة ثانية، وتجاه إخوته البعيدين عنه وأخيه الذي يوجد بجانبه، وتجاه أخته المثيرة للشفقة وابنه المتهور. كان هذا عبئا بالنسبة إليه؛ فلم يخطر بباله أبدا أن يسميه حبا. •••
ظلت أجنيس تطلب ملحا حتى خشي من معها أن تصيبها حمى من فرط عصبيتها وألمها. وكانت السيدتان اللتان ترعيانها من نزلاء إحدى الكبائن، وكانتا من إدنبرة، وقد تطوعتا للقيام بهذه المهمة.
قالتا لها: «اهدئي الآن! أنت لا تعلمين كم أنت فتاة محظوظة؛ لأن السيد سوتر كان على متن السفينة.»
أخبرتاها أن الطفل لم يكن في الوضع المناسب للولادة، وأنهما كانتا تخشيان أن يضطر السيد سوتر لفتح بطنها، الأمر الذي قد يكون فيه هلاكها. إلا أنه تمكن من إدارة الجنين حتى يتمكن من إخراجه.
قالت أجنيس: «أنا بحاجة إلى الملح من أجل الرضاعة»، التي لم تكن لتسمح لهما بالحط من قدرها من خلال توبيخهما لها وطريقة حديثهما الراقية الخاصة بإدنبرة. فقد كانت ترى أنهما حمقاوان على أي حال. كان عليها إخبارهما أنه ينبغي أن تمتزج أول نقطة لبن يحصل عليها الرضيع بقليل من الملح؛ حيث تضع الأم بضع ذرات من الملح على إصبعها ثم تعصر أحد ثدييها لتنزل منه قطرة أو اثنتين من اللبن على هذا الملح، ثم تعطي الخليط للطفل قبل أن يبدأ في الرضاعة الفعلية. ومن دون هذه الاحتياطات، فهناك احتمال كبير أن يكون الرضيع غبيا حين يكبر.
قالت إحداهما للأخرى: «هل هي أصلا مسيحية؟»
قالت أجنيس: «أنا مسيحية مثلكما تماما!» ولكن بسبب تفاجئها وشعورها بالهوان، أخذت في البكاء بصوت عال، وبكى الرضيع بشدة معها، تعاطفا معها أو بسبب الجوع. وما زالت هي ترفض إطعامه.
أتى السيد سوتر ليسأل عن حالها، وسأل عن سر كل هذا الحزن البادي عليها، فأخبرتاه بالأمر. «كيف يمكن إعطاء رضيع حديث الولادة قليلا من الملح؟ من أين أتت بهذه الفكرة؟»
قال: «أعطوها الملح!» ثم ظل يرقبها وهي تعصر أحد ثدييها ليخرج لبنا على إصبعها الذي عليه الملح، ثم تضع هذا الإصبع في فم الطفل، ثم تلقمه حلمة ثديها.
نامعلوم صفحہ