غير أنه صرخ الآن قائلا إن السفينة تشبه سرب نحل تكالب على جثة أسد.
ثم أضاف: «هذه مصيبة، مصيبة بالفعل. أوه، هذا ما دعانا إلى أن نترك وطننا.»
رد أندرو: «لم نتركه بعد. ما زال ميناء ليث باديا لنا. حري بنا أن ننزل لأسفل لنبحث عن مكان نمكث فيه .»
وهنا ظهر المزيد من الامتعاض. الأسرة ضيقة، ما هي إلا ألواح خشبية عليها فراش خشن وشائك، قماشه مصنوع من شعر الخيول.
قال أندرو: «أفضل من لا شيء.» «أوه، لم يخطر ببالي قط أن نأتي إلى هنا، على ظهر هذا القبر العائم.»
قالت أجنيس في نفسها: ألا يسكته أحد؟ سوف يستمر على هذا المنوال، كما لو كان واعظا أو معتوها، وهذا هو الحال الذي يكون عليه عندما تأتيه النوبة. لم تكن باستطاعتها تحمل هذا؛ فحجم الألم والمعاناة الذي كانت تشعر به أكبر مما يمكن أن يدركه.
قالت: «حسنا، هل سنجد مكانا للمبيت هنا أم لا؟»
علق بعض الناس أوشحتهم وشالاتهم حتى يصنعوا أماكن شبه خاصة لعائلاتهم وذويهم. وما كان منها إلى أن خلعت ما تلبسه من لفاح فوق ملابسها وفعلت مثلما فعلوا.
كان جنينها يتحرك حركات عنيفة في بطنها، ووجهها تخرج منه الحرارة كما تخرج من قطعة فحم مشتعلة، ورجلاها كانتا ترتجفان، واللحم المنتفخ الموجود بينهما - الشفرتان اللتان سوف يندفع من خلاهما قريبا جنينها ليأتي إلى الوجود - كان مصدرا لآلام شديدة. لعل أمها كانت تعلم ما كان ينبغي عليها فعله في مثل هذه الظروف؛ إذ لعلها كانت تعلم أي أنواع الأعشاب يجب أن تهرسها حتى تصنع منها لبخة مسكنة لهذه الآلام.
ولما تذكرت أمها، تملكها هذا العناء والشقاء، حتى إنها كانت تريد أن تركل أي شخص.
نامعلوم صفحہ