منظر من صخرة قلعہ

شیما طاہا ریدی d. 1450 AH
125

منظر من صخرة قلعہ

المنظر من صخرة القلعة

اصناف

وحين ناهزت العاشرة أصبحت الأجيرات شيئا من الماضي. لا أعرف إن كان ذلك لكوننا قد أصبحنا أكثر فقرا، أم بسبب أنني اعتبرت كبيرة بما يكفي لكي أكون مصدر عون دائما في أعمال المنزل. كلا الأمرين صحيحان.

كنت قد صرت في السابعة عشرة وقادرة على أن أعمل لدى الآخرين، وإن كان في الصيف فقط؛ لأنني كان يتبقى لي عام في المدرسة الثانوية. أما شقيقتي فكانت في الثانية عشرة؛ ومن ثم، كان يمكنها أن تتولى شئون المنزل. •••

اصطحبتني السيدة مونتجوي من محطة القطار في بوان أوباريل، وأقلتني في قارب ذي محرك خارجي إلى الجزيرة. كانت السيدة التي تعمل في متجر بوان أوباريل هي من رشحتني للوظيفة. كانت صديقة قديمة لوالدتي؛ إذ كانتا تدرسان بالمدرسة معا. كانت السيدة مونتجوي قد سألتها إن كانت تعرف فتاة ريفية معتادة على القيام بأعمال المنزل وتكون متاحة في الصيف ، واعتقدت السيدة أن ذلك سيكون الشيء الأنسب لي، وكان ذلك هو اعتقادي أنا أيضا؛ فقد كنت متلهفة لمشاهدة المزيد من العالم.

كانت السيدة مونتجوي ترتدي شورتا بلون الكاكي وقميصا وضع بداخله. وكان شعرها القصير الذي بيضته الشمس خلف أذنيها. قفزت على متن القارب مثل الصبية، وأدارت المحرك بقوة، وأخذنا ننطلق عبر مياه الخليج الجورجي المسائية المتقلبة. وعلى مدى ثلاثين أو أربعين دقيقة، كنا نقطع طريقنا متفادين الجزر الصخرية والحجرية بأكواخها المنعزلة وقواربها التي تتمايل بجوار أرصفة القوارب. وكانت أشجار الصنوبر بارزة بزوايا غريبة، مثلما تكون في اللوحات.

تشبثت بجوانب القارب وأخذت أرتجف في ردائي الخفيف.

قالت السيدة مونتجوي بأقصر ابتسامة ممكنة: «أتشعرين بالغثيان قليلا؟» كان هذا بمنزلة الإشارة للابتسام، حين لا يبرر الموقف ذلك. كانت لها أسنان بيضاء كبيرة برزت وسط وجه طويل ضارب إلى السمرة، وبدا التعبير الطبيعي المرتسم على وجهها أقرب إلى جزع مكبوح بالكاد. لعلها كانت تعرف أن ما كنت أشعر به هو الخوف، وليس الغثيان، وألقت هذا السؤال علي حتى لا يكون هناك داع لي - ولها - للشعور بالحرج.

كان هذا العالم مختلفا بالفعل عن العالم الذي اعتدت عليه؛ ففي ذلك العالم، كان الخوف شيئا عاديا، على الأقل للإناث؛ فكان من الممكن أن تخاف من الأفاعي، والعواصف الرعدية، والمياه العميقة، والمرتفعات، والظلام، والثيران، والطريق المنعزل وسط المستنقع، دون أن يظن بك أي شخص سوءا. أما في عالم السيدة مونتجوي، كان الخوف عارا وشيئا يجب التغلب عليه دوما.

كان للجزيرة التي كنا نقصدها اسم هو نوسيكا. كان الاسم مكتوبا على أحد الألواح في نهاية رصيف القوارب. فرددته عاليا محاولة أن أظهر شعوري بالاطمئنان والهدوء والامتنان الشديد، فقالت السيدة مونتجوي بقليل من الدهشة: «أوه، نعم. كان ذلك هو اسمها حين اشتراها أبي. إنه اسم شخصية بإحدى مسرحيات شكسبير.»

فتحت فمي لكي أقول لا، ليس شكسبير، ولأخبرها أن نوسيكا هي الفتاة التي كانت على الشاطئ تلعب الكرة مع رفيقاتها وتفاجأت بيوليسيس حين استيقظ من غفوته. كنت قد تعلمت آنذاك أن معظم الناس الذين عشت بينهم لم يكونوا يرحبون بهذا النوع من المعلومات، وكنت ألتزم الصمت على الأرجح حتى لو سألنا المدرس في المدرسة، ولكن كنت أعتقد أن الناس في العالم الخارجي - العالم الواقعي - سيكونون مختلفين. وفي الوقت المناسب أدركت حدة نبرة صوت السيدة مونتجوي حين قالت «شخصية بإحدى مسرحيات شكسبير»؛ الإشارة أن نوسيكا وشكسبير وكذا أي ملاحظات من جانبي، كانت أشياء يمكنها الاستغناء عنها إلى حد كبير.

كان الرداء الذي ارتديته في يوم وصولي هناك من صنع يدي، وكان من القطن المخطط القرنفلي والأبيض. كانت الخامة رخيصة، وكان السبب وراء ذلك أنها في الواقع لم تكن معدة لتفصيل رداء، بل لبلوزة أو رداء للنوم، وأن التصميم الذي اخترته - التصميم ذا التنورة الطويلة والخصر الضيق الذي كان منتشرا في تلك الأيام - كان خاطئا؛ فحين كنت أسير، كان القماش يتجعد ويتجمع بين ساقي، وكنت مضطرة لفرده طوال الوقت. كان اليوم هو أول يوم أرتدي فيه هذا الرداء، وظللت أعتقد أن المشكلة قد تكون مؤقتة؛ فمع جذب قوي بما يكفي قد تفرد الخامة بالشكل الملائم. ولكن عندما خلعت حزامي اكتشفت أن حرارة النهار وسخونة القطار أثناء ركوبي إياه قد خلفتا مشكلة أسوأ. كان الحزام عريضا ومزودا برباط مرن وذا لون خمري، وقد بهت على الرداء، فصارت منطقة الخصر محوطة بصبغة حمراء.

نامعلوم صفحہ