وهكذا يبدو أن التحليل عند «كانت» غيره عند ديكارت، لأن هذا التحليل عند الأخير مستمد من الرياضة، بينما الرياضة كلها تركيبية عند «كانت»، وإذن فلا بد أن يكون هناك نوع ثالث من التحليل، إلى جانب التحليل المادي، الذي نستطيع أن ندرك بوضوح أنه ليس المقصود هنا، وإلى جانب التحليل التصوري (أو تحليل الحاصل، أو التحليل المنطقي) الذي يشير إليه «كانت» وهذا النوع الثالث هو: (ج) التحليل العقلي بمعناه الصحيح: وهو البحث عن أسباب ظاهرة أو قضية. وهو يدور حوله البحث في هذا المقام، لأنه هو لب الاستقراء، وهو يصل إلى العنصر بمعناه الصحيح (
stoichéion ) الذي هو الفكرة. وكلمة العنصر هنا مرادفة «للمبدأ» وللأساس العقلي، ويمكننا الاهتداء إلى معناه في تعبيرات مثل «عناصر أو أركان الهندسة».
4
وقد استخدمت كلمة «التحليل» بهذا المعنى لأول مرة عند علماء الرياضة اليونانيين، كإقليدس مثلا: (1)
فإقليدس يطلق هذا الاسم على عملية غريبة، تنحصر في افتراض قضية لم نبرهن عليها، واستخدامها في البرهنة على قضية سبق البرهنة عليها، عن طريق الارتداد، (القضية الخامسة من الباب الثالث عشر لكتاب «العناصر»). (2) التحليل الباحث
Analyse Zététique
وبناء على هذا المعنى، أطلق علماء الهندسة اليونانيون اسم التحليل على كل عملية مرتدة
processus régressif
في الهندسة، وعلى رأسها العملية التي تبحث عن أساس قضية من القضايا السابقة لها. ويطلق عليها الشارح «جيمينوس
Géminus » اسما دقيقا كل الدقة، هو «اختراع البرهان» فنظرية فيثاغورس مثلا تنص على أنه في مثلث أ ب ج، القائم الزاوية في ب، تكون أ ج
نامعلوم صفحہ