الذي وضع أسس مورينو
Moreno
يدرس تماسك الجماعات الاجتماعية، وإمكانيات إنتاجها، وذلك عن طريق قياس علاقات التجاذب والتنافر التي تقوم بين مختلف أعضائها. (5) منهج علم الاجتماع
إن كثرة المجالات التي يعالجها علم الاجتماع توحي بوجود كثرة من المناهج غير أن مما يؤدي إلى ازدياد تباين هذه المناهج، اضطرار علم الاجتماع إلى مواجهة المشاكل التي يثيرها كل علم للإنسان، ومن هنا كانت كثرة المدارس، وهي ظاهرة تشهد بحيوية التفكير في علم الاجتماع. فلنوضح هنا بعض الخطوط الرئيسية في هذه المناهج. (أ) علم الاجتماع الموضوعي
في البداية، يمكننا أن نتصور إمكان قيام علم للاجتماع ببحث في الظواهر الاجتماعية كما لو كانت ظواهر طبيعية. وذلك ما كان يطمح إليه طلائع المفكرين في هذا العلم. فإن الطابع الخاص المميز للمجال الاجتماعي، الذي يعرف بأنه جماعي
collectif
يقتضي الخروج بهذا المجال عن نطاق الفردية، وليس بالضرورة عن مجال الإنسانية، بحيث يمكننا البحث عن القوانين دون أن نثير احتجاج الوعي والحرية الفرديين. ففي انتقالنا من الميدان النفسي إلى الاجتماعي يتغير المجال والمنظور على نحو يسمح بتجاهل ذاتية الفرد. وهكذا يدرس علم السكان توزيع السكان أو الاتجاهات التي تتبدى في الظواهر السكانية (كالمواليد والوفيات والزيجات)، وذلك دون أن يعبأ بمعرفة من الذي يتزوج أو يموت، وإنما يرجع الفرد دائما إلى طوائف معينة من حيث العمر، والجنس، والطبقة الاجتماعية، والموطن ... إلخ، دون أي اكتراث بما يعنيه الزواج أو الموت بالنسبة إلى أي فرد بعينه. كذلك يدرس الاقتصاد السياسي مدى الإنتاج أو توزيعه في بلد معين مثلا، دون أن يهتم بمسلك منتج معين أو برأيه. وإذا اهتم بمثل هذا الرأي - كأن يهتم مثلا بحركات الشك التي يثيرها التهديد بالتضخم، وهو الشك الذي ينشط الطلب في القوت الذي يقل فيه الإنتاج - نقول إذا اهتم بهذه الظواهر النفسية، فإنما يكون ذلك بوصفها جماعية لا فردية. والحق أن دراسة الرأي العام تعمل أيضا على إغفال الطابع الفردي. فهي تهدف إلى قياس المعتقدات والتيارات الفكرية والعواطف التي تساور الجماعة، دون بحث في الطريقة التي يتلقى بها الفرد الرأي ويقره أو يرفضه، وإنما هي تفصل الرأي عن الفرد الذي يعبر عنه ... وتضفي عليه وجودا اجتماعيا بالمعنى الصحيح، والمنهج المفضل في هذه الحالة هو المنهج الأخصائي.
ويكشف الإحصاء، أحيانا بصفة حاسمة، عن اطراد الظواهر الاجتماعية. على أنه ليس من الواجب - بلا شك - أن نثق بالأرقام ثقة عمياء، ويرجع ذلك أولا إلى أن الإحصاء لا يستمد قيمته إلا من المعطيات التي يتخذها مادة له، والتي يستمدها من مصدر آخر؛ فتقدير الرأي العام تقديرا حسابيا يستمد قيمته من طريقة اختيار «عينات» السكان، ومن المعلومات التي يجمعها القائمون بالبحث. ثم إن مظاهر الاطراد التي يقررها الباحث قد ترجع أحيانا إلى نقص المعلومات التي جمعها، وأخيرا لأن الإحصاء في ذاته لا يستنتج شيئا، وهو يحتاج دائما إلى التفسير، ومع كل ذلك فلا شك في أنه يلقي ضوءا على الطابع الجماعي للظواهر الاجتماعية، ويساعدنا إلى حد كبير في التعبير عنه بدقة رياضية.
ويتعلق هذا العلم الاجتماعي الموضوعي بظواهر جماعية بالمعنى الصحيح، حيث لا يظهر الفرد إلا على اعتبار أنه أحد عناصر حقيقة أسمى فيه، فلا يعدو إنتاجه أو فعله أن يكون مجرد مثل أو «عينة». ولكن ينبغي أن نلاحظ أن استبعاد العنصر الفردي ليس معناه استبعاد العنصر الإنساني، أعني النفسي؛ فعلم الاجتماع الاقتصادي لا ينفق جهده عبثا عندما يقوم بدراسة نفسية للعمليات الاقتصادية، على غرار ما قام به علم الأجناس البشرية بالنسبة إلى الصور البدائية للتبادل، كذلك لا يتنافى البحث الإحصائي في تأدية الشعائر الدينية بحال مع تحليل صور الإيمان أو درجاته. ولكن ألا يتجه التحليل النفساني، كلما ازداد دقة، إلى العودة إلى الفردي؟ ألا ينتهي، على أية حال، إلى التناقض مع الهدف الأول لعلم الاجتماع الموضوعي؟ (ب) علم الاجتماع وعلم النفس
لسنا نخوض هنا غمار الجدل الذي ثار حول علاقة علم النفس بعلم الاجتماع. وحسبنا القول بأن التعاون يزداد قوة بين هذين العلمين دائما، فهناك علم اجتماعي نفسي ينمو جنبا إلى جنب مع علم الاجتماع الموضوعي. وهذا العلم الاجتماعي النفسي لا يأبى الاعتراف بالخصائص النوعية للظاهرة الاجتماعية، ولكن لابد من تأكيد الطابع الجماعي في الظاهرة الاجتماعية، نجده يحاول كشف النقاب إما عن السلوك الفردي الذي يعد أصلا للظاهرة الاجتماعية، وإما عن الطريقة التي يتلقى بها الفرد هذه الظاهرة ويحياها، وذلك دون أن يرى في بحثه في العنصر الفردي في الظاهرة الاجتماعية إخلالا بصفة الموضوعية. كذلك نرى أن «علم الاجتماع المنهجي
نامعلوم صفحہ