من أعدائنا كثيرا ما نستقي دروسا ممتازة، وكثيرا ما تدفعنا دهشتنا من أخطائهم إلى التفكير المنطقي، فالسيد كورنوول (أحد لوردات وزارة المالية) تعامل مع الالتماس الذي تقدم به مجلس نواب نيويورك بازدراء، لأن «ذلك المجلس»، على حد تعبيره، يتكون من ستة وعشرين عضوا فقط، وهو - في زعمه - عدد تافه لا يمكن أن يكون معبرا بصورة صحيحة عن المجموع. ونحن نشكره على صراحته العفوية غير المقصودة.
2
وفي الختام، مهما بدا الأمر غريبا في نظر البعض، وبغض النظر عن درجة عدم استعدادهم لتقبله، فإننا نستطيع تقديم العديد من الأسباب القوية والواضحة التي تبين أنه ما من شيء يمكنه أن يحقق الاستقرار لشئوننا الخاصة بسرعة كإعلان استقلال صريح وحاسم. وفيما يلي بعض هذه الأسباب:
أولا:
من عادة الأمم، عندما تندلع الحرب بين بلدين، أن تتقدم قوى أخرى غير ضالعة في النزاع لتلعب دور الوسيط، وتطرح بعض المقترحات المبدئية لإقرار السلام: ولكن لما كانت أمريكا تعتبر نفسها إقليما خاضعا لبريطانيا العظمى، فلن تتدخل أي قوة، مهما كانت مكانتها، لتعرض الوساطة. وهكذا فمن الممكن في وضعنا الراهن أن نظل في حالة صراع إلى الأبد.
ثانيا:
من غير المنطقي أن نفترض أن فرنسا أو إسبانيا سوف تقدمان لنا أي نوع من المساعدة، إذا كنا لا نهدف إلا لاستغلال تلك المساعدة في إصلاح العلاقات وتقوية الروابط بين بريطانيا وأمريكا؛ لأن هاتين القوتين سوف تعانيان من العواقب.
ثالثا:
لما كنا نحن أنفسنا نقر بأننا تابعون لبريطانيا، فلا بد أن الأمم الأجنبية تنظر إلينا على أننا متمردون. وهذه السابقة تشكل نوعا من الخطر يهدد سلامهم، لأن هذا يعني أن رعايا تلك الأمم يمكنهم حمل السلاح ضدها؛ ونحن من يستطيع حل ذلك التناقض العجيب فورا؛ أما الجمع بين المقاومة والتبعية فهو أمر يتطلب فكرا أرقى بكثير من مستوى الفهم العادي.
رابعا:
نامعلوم صفحہ