ويقول الشهرستاني: ورأيت رسالة، نسبت إلى «الحسن البصري»، كتبها إلى عبد الملك بن مروان، وقد سأله عن القول بالقدر والجبر، فأجابه فيها بما يوافق مذهب «القدرية»، واستدل فيها بآيات من الكتاب، دلائل من العقل، ولعلها «لواصل بن عطاء»، فما كان «الحسن» ممن يخالف «السلف»، في أن القدر خيره وشره من الله تعالى، فإن هذه الكلمات كالمجمع عليها عندهم.
والعجب، أنه حمل هذا اللفظ، الوارد في الخير، على البلاء والعافية، والشدة والرخاء، والمرض والشفاء، والموت والحياة «1» .... إلى غير ذلك من أفعال الله تعالى، دون الخير والشر، والحسن والقبيح، الصادرين من اكتساب العباد.
وكذلك أورده جماعة من المعتزلة في المقالات عن أصحابهم.
القاعدة الثالثة: القول بالمنزلة بين المنزلتين، والسبب فيه أنه دخل واحد على «الحسن البصري»، فقال: يا إمام الدين! لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة، وهم «وعيدية الخوارج»، وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان، بل العمل على مذهبهم ليس ركنا من الإيمان، ولا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم «مرجئة الأمة»، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقادا؟
فتكفر «الحسن» في ذلك، وقبل أن يجيب، قال «واصل بن عطاء»:
أنا لا أقول: إن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقا. ولا كافر مطلقا، بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، ثم قام واعتزل إلى اسطوانة من اسطوانات المسجد، يقرر ما أجاب به على جماعة من أصحاب «الحسن»، فقال الحسن «اعتزل عنا واصل» فسمي هو أصحابه «معتزلة».
صفحہ 153