مناقض لقوله تعالى: «وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه «5»»، وقوله تعالى: «أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم» «6»، إلى غير ذلك من الآيات.
فقال شيخنا «1» إن قوله تعالى «فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم» أراد به الحجج والقرآن، دون العلم بصحة ما جهلوه ، لأنه تعالى أطلق العلم، ولم يقيده.
وأراد بقوله: «وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه» تشبيههم، لإعراضهم عن النظر فيما أتاهم من الحجج، بمن هذا حاله، وكذلك، فانما ذكر الطبع، لأنهم إذا أعرضوا، وجهلوا، وكفروا، حصل في قلوبهم لكفرهم، ما يسمى طبعا وختما.
فلا تناقص في الكلام، وقد تسمى الحجة علما، إذا كانت طريقا للمعرفة، وربما سمي الكتاب علما، كما نقول: هذا علم «أبي حنيفة»، وعلم «الشافعى»، لما أمكن به التوصل لعلمهما، والحجج في ذلك أولى، على أنه تعالى إذا لم يذكر العلم بما ذا، فمن أين أن المراد به العلم بصحة ما كلفوا، دون أن يكون العلم المقتضى لكمال العقل، والمصحح للاستدلال والنظر؟
وقد بينا في معنى الطبع، فيما تقدم ما يغنى، وإنما الغرض أن نبين تعسف من ادعى في ذلك التناقض.
ومنها قوله تعالى: «ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده «2»».
ينقض قوله سبحانه: «فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم «3»» وادعى ابن الراوندي، أن إحدى الآيتين تقتضي، أن لا ولي للكفار.
والثانية تقتضي، أن لهم وليا، وأولياؤهم الشيطان، لأن المراد به الجنس، لا العين.
صفحہ 129