وهذا شيء متى قيل به، أدى إلى الخروج من الدين، وألا يوثق بكتاب ولا شرح، ولا خبر عن كل ما يصح الأخبار عنه، ولا أمر بكل ما يصح الأمر به، وهذا مخالف لقوله تعالى «منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك» «1».
ثالثا: القول بقدم كلام الله، يجعله من صفاته، والمعتزلة ترد جميع الصفات للذات.
إبطال القول بأنه سبحانه متكلم بكلام قديم: «2» يبرهن القاضي على ذلك بقوله، إن الذي يحتاج أن يتكلف بيانه، أن الكلام الذي بينا، أنه كلام من تعالى ذكره، لا يجوز أن يكون إلا محدثا.
والذي يدل على حدوث كلامه، الذي ثبت أنه كلام له، أن الكلام على ما قدمناه، لا يكون إلا حروفا منطوقة، وأصواتا مقطوعة، وقد ثبت- فيما هذه حاله- أنه محدث، لجواز العدم عليه، على ما بيناه في حدوث الأعراض.
فاذا صح أن كلامه تعالى، من جنس هذا الكلام، فيجب استحالة قدمه، لأن كل مثلين استحال في أحدهما أن يكون قديما فيجب أن يستحيل في الآخر، لأن من حق القديم أن يكون قديما لنفسه، مما شاركه في جنسه فيجب كونه قديما. فاذا ثبت كون كلامه من جنس كلامنا، وجب القضاء بحدوثه، كما يجب القضاء بحدوث احسانه، وانعامه.
الدليل على حدوث كلامه تعالى: وينقل القاضي الأحاديث التي رويت عن رسول الله عليه السلام، كدليل على حدوث القرآن فيقول:
وما روي عن رسول صلى الله عليه وسلم من قوله: «كان الله ولا شيء، ثم خلق الذكر».
وقوله: «ما خلق الله عز وجل من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي في البقرة» «3»، يدل على حدوث القرآن.
صفحہ 119